في عام 2008، ألّف الصحفي المخضرم ستيفن جرينهاوس، مراسل «نيويورك تايمز»، والذي كان مختصاً في شؤون العمال، كتابه «الأزمة الكبرى»، ويقصد الضغوط الاقتصادية المتزايدة على الطبقتين المتوسطة والعاملة في الولايات المتحدة. ورغم ذلك، أصبحت الضغوط في السنوات الأخيرة على معظم الأميركيين مادية أيضاً، إذ إن أصحاب العمل وكبار المستثمرين في الخطوط الجوية «حشروهم» في مساحات مكتبية ضئيلة. وبين عامي 2010 و2012، تراجع متوسط المساحة المخصصة لموظفي المكاتب من 225 إلى 176 قدماً مربعاً، حسب الاتحاد العقاري «كورنت جلوبال». وهكذا تشير مؤسسة «بيل ماكجي» إلى أن مساحات المقاعد الاقتصادية التي يمكن حجزها على أكبر أربع شركات طيران أميركية، باتت أصغر من أضيق مقاعد اقتصادية كانت متاحة في التسعينيات. والعلاقة بين الدخل ومساحة مكاتب العمل مطردة، فكلما تضاءل الدخل انخفضت المساحة المتوافرة والعكس بالعكس. وبالطبع فإن اختزال المساحة المخصصة لكل موظف يقلص إيجار الشركة ويعظم أرباحها. لكن بينما يتساءل خبراء الاقتصاد عن لغز تضاؤل الإنتاجية الأميركية، عليهم البحث عن الحد الأدنى من المساحة الذي يتراجع عنده إنتاج الموظفين بسبب تشتت التركيز. وعلى النقيض، لا يعتبر تحول معظم تجارب السفر الجوي للأميركيين إلى شكل من أشكال السجن المتنقل، لغزاً على الإطلاق، فهو نتيجة لتسابق المستثمرين على أرباح مرتفعة. وفي مقالة افتتاحية رائعة نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» في فبراير، أثنى ريك سكيفتر، عضو مجلس إدارة «أميركان إيرلاينز»، على أداء أسهم شركات الطيران الأميركية خلال السنوات الأخيرة، قائلا إنه نتيجة لـ«تعزيز وتصفية بعض شركات الطيران»، مما أدى لتقلص المنافسة. وأوضح سكيفتر أنه عقب إلغاء اللوائح الحكومية المنظمة لعمل شركات الطيران عام 1978، كان كثير من الرؤساء التنفيذيين لهذه الشركات مدفوعين بالرغبة في تحقيق النمو على حساب الأرباح. وبالتخلص من «نقاط الضعف»، مثل توفير الوجبات والمقاعد المريحة ومساحات للأقدام والمعاملة الكريمة، أوجد المستثمرون من أمثال سكيفتر، تجربة طيران تتزايد فيها حالات غضب المسافرين في الجو. ------------------- *محلل سياسي أميركي ------------------ يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»