تركز معظم حملات الانتخابات الرئاسية تركيزاً كبيراً على القضايا الداخلية مثل الاقتصاد والضرائب والرعاية الصحية، وليس السياسة الخارجية. ولكن حملات انتخابات الرئاسة في عام 2016 التي تستجمع بداية زخمها في الوقت الراهن تتجه إلى أن تكون استثناء من هذه القاعدة. والسبب وراء ذلك واحد وهو أن العالم يعج بالفوضى؛ فالولايات المتحدة تخوض حروباً في العراق وسوريا وأفغانستان، حتى إذا لم تكن لديها قوات محاربة على الأرض. وتستمر إمكانية اندلاع حروب جديدة في الظهور. وعلى رغم ذلك، لم يقنع الرئيس أوباما الناخبين بأن سياساته مجدية. وأظهر استطلاع للرأي أجرته «فوكس نيوز» ونشرت نتائجه الأسبوع الماضي، أن 73? من المستطلعة آراؤهم لا يعتقدون أن لدى أوباما استراتيجية واضحة في الحرب ضد تنظيم «داعش» الإرهابي. والمرشحة الديمقراطية المحتملة، هيلاري كلينتون، ستحتاج بالتأكيد إلى إثبات أنها أفضل من الرئيس الذي عملت معه كوزيرة للخارجية. وسيرغب المرشحون المناوئون من الحزب الجمهوري في تأكيد ميزة حزبهم التقليدية بشأن الأمن القومي، التي يصفها علماء الظواهر السياسية بأنها «مِلكية القضية». ولكن الجمهوريين لم يبذلوا جهداً في الكشف عن الماهية التي ينبغي أن تكون عليها السياسة الخارجية باستثناء أنها لن تكون مماثلة لـ«سياسة أوباما»! وربما يرجع ذلك -بصورة جزئية- إلى أن الحملات الانتخابية لا تزال في بدايتها، ويتفاخر الحزب الجمهوري بوفرة المرشحين المحتملين، وبعضهم من حكام الولايات الذين لم يحتاجوا أبداً إلى وضع سياسات خارجية حتى الآن. ويرجع ذلك أيضاً إلى أن أحد المرشحين الجمهوريين المحتملين، هو السيناتور «راند باول»، كسر بالفعل حاجز الصمت ودافع عن سياسة خارجية انعزالية، تنطوي على خفض الإنفاق الدفاعي وتقليل الالتزامات العسكرية. واتهم بعض خصوم «باول» آراءه بأنها تشجع على الانعزالية؛ بينما يفضل هو «واقعية محافظة»، ولكن النقاش ليس بشأن باول وحده، فمنذ مغامرة بوش غير المحسوبة في العراق، يجهد حلفاؤه الجمهوريون من أجل إعادة إحياء السياسة الخارجية المحافظة بطريقة يقبلها الناخبون. وقد بزغت الخلافات بشأن قضايا كثيرة من العقوبات على إيران إلى تسليح أوكرانيا والتجارة مع كوبا، بيد أن المسألة الحاسمة في الحملة الانتخابية ستكون على الأرجح التدخل العسكري في الشرق الأوسط، وهي المنطقة التي كتبت فيها سطور قصة فشل آخر إدارة جمهورية. وتوجد ثلاثة معسكرات بين المرشحين الجمهوريين المحتملين يمكن تمييزها. والمعسكر الأول هو أنصار التدخل، الذين يرغبون أن تبذل واشنطن جهوداً أكبر. والثاني يضم مناهض التدخل الوحيد «باول». أما المعسكر الأخير فيشمل فئة كبيرة من المذبذبين وذوي المواقف المتأرجحة. ومن أنصار التدخل، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا «ماركو روبيو»، الذي دعا إلى مزيد من المساعدات الأميركية للثوار السوريين. إلا أنه رفض خلال الأسبوع الماضي طلب أوباما للحصول على تفويض بمحاربة تنظيم «داعش»، وصفه بأنه «محدود جداً»، وأشار إلى أنه -حال فوزه- سيلغي حظر أوباما المقترح على المعارك البرية طويلة الأمد. وقال: «أعتقد أنه ينبغي أن نفوض الرئيس لتدمير داعش». وربما يكون من بينهم أيضاً حاكم ولاية ويسكونسن «سكوت ووكر»، الذي أخبر قناة «إيه بي سي الإخبارية» قائلاً: «علينا أن نتخطى مرحلة الضربات الجوية الهجومية، ولابد أن نتأهب لنشر قوات برية، إذا كان هذا هو ما يتطلبه الأمر». ومن المذبذبين السيناتور «تيد كروز» من ولاية تكساس، الذي طالب بأن تخوض إدارة أوباما حروبها بقوة أكبر، ولكن أكد أيضاً أنه يرى عدم الحاجة لإرسال قوات برية أميركية. وهناك أيضاً انقسام بشأن طلب التفويض بين الديمقراطيين، ربما أشد عمقاً من الجمهوريين. ولا يبدو أن مرشحتهم مستقرة على رأي، حيث رفضت كلينتون التعليق على القضية، من الأساس. -------- يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفيس»