أخيراً، بدأت بعض الطبقات المتكلسة في السياسة الأميركية تتحرك. وأصبح الركود والتقلص في مداخيل الشريحة التي تمثل 90 في المئة من الأميركيين في مرمى بصر الطبقة السياسية. والركود الاقتصادي في أميركا كان الجميع يستطيع رؤيته منذ عقود، فالكساد الكارثي، على رغم قصر أمده، في بداية الثمانينيات، قلص بشكل دائم ملايين الوظائف الصناعية جيدة الرواتب، وخصوصاً في ولايات الغرب الأوسط. ولم يستطع إلا قلة من العمال العثور على عمل بأجر مماثل. وفي السبعينيات، ظهرت فجوة بين مكاسب الإنتاجية ومتوسط دخل الأسر، وهو ما لم يكن موجوداً في العقود الثلاثة التالية على الحرب العالمية الثانية. وقد اتسعت هذه الفجوة منذ ذلك الوقت إلى الآن. والفترة الوحيدة خلال الأربعين عاماً الماضية التي اتسقت فيها المكاسب الاقتصادية مع رواتب العمال، كانت في نهاية تسعينيات القرن الماضي عندما اقترب النظام الاقتصادي من توظيف جميع العمال. وفي المقابل في التعافي الحالي، صاحب التقلص الملحوظ في البطالة انخفاضٌ، وليس ارتفاعاً، في الأجور مع ذهاب أغلب مكاسب النشاط الاقتصادي لصالح شريحة الـ10 في المئة الأكثر ثراء، ولصالح نسبة الـ1 في المئة الأشد غنىً بينهم هم أيضاً. ونادراً ما تُوضع الحقيقة الاجتماعية تحت المجهر في مثل هذه الاختلالات البنيوية في التوزيع. فالأمر قد يتطلب حركة مثل «احتلوا وول ستريت» وإضراب عمال مطاعم الوجبات السريعة ونقابات مثل التي فرضت قضية التأمين الصحي الشامل على الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2008. أي أنه يتطلب نشطاء يعطون بعداً درامياً لمحنة الطبقات الفقيرة والمتوسطة ليبرزوا المشكلات التي يكابدها عشرات الملايين من الأميركيين لأنهم لا يرونها تُناقش في خطابنا السياسي. وقد تناول الرئيس أوباما هذه المشكلات في خطاب «حالة الاتحاد». ولديه اقتراح محدد لتقليص تحول الدخل الناتج عن العمل إلى الدخل الناتج عن الاستثمار، بزيادة الضرائب على مكاسب رأس المال واستخدام الدخل لتقديم ائتمان ضريبي لمساعدة الآباء العاملين على الإنفاق لرعاية أطفالهم. وفي غضون الأسبوعين الماضيين قدم الزعماء «الديمقراطيون» في الكونجرس مقترحات لتقييد تقليص الخصومات على الشركات التي تعطي لكبار مديريها التنفيذيين علاوات عن أدائهم ولكنها لا تكافئ عمالها بالمثل. ويتعين عليهم المضي قدماً واقتراح تقليص نسبة الضريبة على الشركات التي تعطي موظفيها زيادات ترتبط بزيادة الإنتاجية وتكلفة المعيشة. وفي الأسبوع الماضي نشر «مركز التقدم الأميركي» دراسة مهمة تجاوزت التشخيص التقليدي الذي يحمل العولمة والتكنولوجيا مسؤولية مآسي العمال. وأكد مؤلفو الدراسة أن الشركات الأميركية تتحمل أيضاً بعض الوزر. ولطالما سعى «الديمقراطيون» لأن يمثلوا مصالح أصحاب العمل والعمال. وهم الحزب الذي يكافئ العمل ويسعى لزيادة دخل العمال حتى لو كان هذا يعني أخذ جزء من دخل رأس المال. ونهجهم الجديد قد يساعد أيضاً على استعادة نسبة من الناخبين البيض من الطبقة العاملة الأكثر ميلًا لانتخاب «الجمهوريين». وهذه النسبة ليست كبيرة على الأرجح، ولكن «الديمقراطيين» قد لا يحتاجون لنسبة كبيرة لكسب أغلبية انتخابية. وبمجرد أن يتطرق الخطاب القومي إلى عدم المساواة الاقتصادية، يضطر عادة «الجمهوريون» الذين يعارضون بالفعل الحجج العلمية إلى إنكار صحة معطيات الحساب. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»