أقل ما يمكن أن يُقال في الحرب التي يشنّها أوباما ضد «داعش» هو أنها غير مشروعة ولا تجيزها القوانين. وذلك لأن قرار إعلان الحرب لعام 1973 يمنح أوباما فترة 60 يوماً للحصول على موافقة الكونجرس ويشترط عليه إنهاء «الأعمال الحربية» خلال 30 يوماً من حصوله عليها. وهذه الفترة الإجمالية التي تبلغ 90 يوماً، سوف تنتهي هذا الأسبوع. إلا أن أوباما يعتقد بأنه يتمتع بالسلطة المستقلة في توجيه حملته العسكرية بناءً على تفويض سبق أن منحه الكونجرس للرئيس بوش الإبن لإدارة وتوجيه الحرب ضد كل من تنظيم «القاعدة» وصدام حسين. وتعرض هذا الزعم لوابل من انتقادات الطيف السياسي بكل ألوانه. ورغم هذا الجدل، فإن إدارة أوباما لم تكلف نفسها بمهمة إصدار أي تصريح تدافع فيه عن شرعية موقفها وتدعم تفسيرها القانوني المتعجّل للحرب التي تخوضها الآن. ثم إن طلب الرئيس تفويضاً جديداً من الكونجرس لتمديد فترة الحرب ضد «داعش»، والذي أعلن عنه في مؤتمر صحفي عقده الأربعاء، لا يغير شيئاً من عدم شرعية الحرب التي يخوضها الآن. وإذا مرّت هذه القضية من دون محاسبة، فسوف تتحول إلى سابقة لخوض الحروب من طرف واحد خلال العقود المقبلة. ولا شك أن زعماء الكونجرس سوف يعمدون صاغرين لتجاهل هذه القضية أثناء انعقاد «جلسة البطة العرجاء» الشهر المقبل، لأنهم يعلمون حق العلم أنها ستتسبب في حدوث انقسامات خطيرة في صفوف الصقور والحمائم التابعين للحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي». ويضاف إلى ذلك أن الخلاف المرتقب والذي قد يكون مستعراً حول ميزانية وزارة الدفاع، سوف يسهّل على الزعماء مهمة تجنب مواجهة لحظة الحقيقة فيما يتعلق بدستورية الحرب التي يشنها أوباما. وذلك لأن الكونجرس لم يصادق حتى الآن على ميزانية البنتاجون لعام 2015. وسوف يتواصل العمل بميزانية عام 2014 حتى نهاية ديسمبر، وتوفر تلك الميزانية نحو 85 مليار دولار لتغطية تكاليف العمليات الحربية، بما فيها حرب أفغانستان التي أشرفت على نهايتها. وطالما أن الانسحاب من أفغانستان سوف يساهم في التخفيف من النزيف المالي الذي تعانيه الميزانية الدفاعية، فقد سمح ذلك لإدارة أوباما بتحويل 580 مليون دولار لتمويل الحرب ضد «داعش». وسوف تتواصل الظروف المشجعة لهذا التمويل إذا ما صوت «كونجرس البطة العرجاء» على هذه الخطة وبحيث يتم العمل بالميزانية السابقة (لعام 2014) لتغطية العمليات العسكرية حتى يتأتى للكونجرس إعادة النظر في الأسبقيات المتعلقة بتغطية تلك العمليات. ولا شك أن المشرّعين الجادّين سوف يرفضون الموافقة على طلب تمديد الحملة العسكرية القائمة الآن (والذي تقدم أوباما بطلبه الأربعاء)، لكن «كونجرس البطة العرجاء» يفتقر في وضعه الراهن للآليات التشريعية التي تسمح له باتخاذ قرار نهائي بشأن الموافقة على مبادرة أوباما أو رفضها. وإذا فشل الرئيس في الحصول على دعم أغلبية أعضاء الكونجرس خلال تاريخ محدد، فإن القانون يقضي بوقف أي إنفاق إضافي على الحرب. ومن المنتظر أن يتواصل هذا الجدل القانوني ويتفاقم، خاصة عقب ارتفاع أصوات نواب من الوزن الثقيل في الكونجرس تنتقد المنهج الذي يختطّه أوباما وتعتبره سبباً في إثارة الكثير من المشاكل الدستورية. ويُعتبر امتناع الرئيس عن إصدار تصريح يدافع فيه عن سلطته الدستورية في تمديد فترة الحرب، مخالفة لمبدأ المسؤولية الجماعية. ومن أجل منع مثل هذه التجاوزات مستقبلا، يتحتم على الكونجرس تعديل قانون اللجوء إلى الحرب بحيث يُلزم البيت الأبيض بإصدار بيان يشرح فيه الحجج القانونية التي يستند إليها في اتخاذ القرارات بهذا الشأن إلى الكونجرس ليصار إلى مناقشتها. ونحن الآن في لحظة خطر تقتضي منا اغتنام الفرص لتصحيح الأمور. وعلى الكونجرس أن يقرر ما إذا كان سيذعن على مضض لطلب الرئيس بالحصول على سلطة اتخاذ القرار العسكري، أم أنه سيستخدم سلطته الكاملة فيما يتعلق باتخاذ القرارات ذات العلاقة بإطلاق الحملة العسكرية بناءً على قانون الحرب المعمول به. ------------------ *أستاذ القانون والعلوم السياسية في جامعة ييل