قبل بضعة أيام، صادفت مقابلة أجريت عام 2008 مع كاتب شهير، ومن دون الخوض في تفاصيل، تحدث الكاتب عن الحاجة إلى أفكار جديدة لحل «النزاع في الشرق الأوسط». ولم يكن ذلك منذ سنوات طويلة عندما كان هذا هو الاختزال للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، أو ربما على نحو أوسع نطاقاً، للتوترات بين الإسرائيليين والعرب. واليوم، يستحضر هذا المصطلح الغامض شيئاً مختلفاً تماماً: عاصفة من الانقسامات المعقدة ومتعددة الأوجه في أبعادها العسكرية والأيديولوجية والسياسية والطائفية والاستراتيجية. وإذا ما قلت «الصراع في الشرق الأوسط»، فماذا يتبادر إلى الذهن؟ ربما قد تفكر في خطر «داعش»، أو الحرب الأهلية الكارثية في سوريا، أو محنة الأكراد، أو القتال في اليمن، أو الصراع في ليبيا. ويمكنني إضافة المزيد أيضاً. وخلال الاحتفال الذي أقيم في وزارة الخارجية بواشنطن بمناسبة عيد الأضحى، تحدث «جون كيري» عن الحاجة إلى إحياء عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، ثم ذكر أن هذا النزاع يؤجج عملية تجنيد أعضاء جدد للانضمام إلى تنظيم «داعش». وقال «إن الناس في حاجة إلى فهم العلاقة». وأوضح أن «هذا يتعلق بالحرمان وغياب الكرامة». غير أنه يلزمنا التوضيح أن «داعش» لا تريد مساعدة الفلسطينيين. وإنما تريد فرض أساليبها الوحشية عليهم، وإخضاع أو قتل أي شخص يعارضها. ومن الواضح أن «كيري» يتوق إلى التوصل إلى اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وكذلك أنا، والملايين من الناس. والهدف في حد ذاته يستحق، ولكنه ليس في حاجة لتبريره باتصالات عبثية تحرره بطريقة أو بأخرى من التحديات الجوهرية العديدة التي تواجهه. إننا نريد التوصل لاتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين ليس فقط لأن هذا من شأنه وقف تصاعد موجات التطرف. بل إننا بالأحرى نريده لأنه عندما يعيش شعبان جنباً إلى جنب في سلام، فإن الجميع سيعيشون حياة أفضل، ولأن التوصل إلى اتفاق جيد ومستقر ودائم ينهي عقوداً من الصراعات التي تفجر التوترات بانتظام سيكون أمراً رائعاً في حد ذاته. وإنه من المحزن والكئيب والمثبط للمعنويات أن ترى أن السلام بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني بات أمراً بعيد المنال بدرجة كبيرة. وأي فكرة جيدة لتسوية النزاع، وأية جهود ناجحة لإيجاد حل سلمي ودائم ستكون سبباً للاحتفال، من دون شك. ولكن دعونا لا نخدع أنفسنا. فالتوصل إلى سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين هدف في حد ذاته بغض النظر عن تفشي التطرف في المنطقة. ومع هذا قد لا يطفئ أنوار الأيديولوجيات الراديكالية. وحتى بعد وجود سلام في هذا الجزء من المنطقة، فإن «الصراع في منطقة الشرق الأوسط» قد لا يصل نهايته الحاسمة، لوجود أسباب أخرى لعدم الاستقرار. ----------- فريدة جيتس محللة سياسية أميركية ـ ــ ــ ـ ـ ـ ـ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»