اليوم يكمل الرئيس السيسي 100 يوم في حكم مصر.. وقبل 99 يوماً من الآن وعندما تولى السيسي مقاليد الحكم في مصر في 8 يونيو 2014، كانت الشكوك تحوم حول نجاح هذا الرجل، فقائمة التحديات كانت طويلة وصفوف المتربصين كانت أطول - ولا تزال- لكن كل تلك التحديات أصبحت ضئيلة أمام الرغبة الحقيقية للشعب المصري في التغيير وفي العمل الجاد من الرئيس السيسي وفريقه من أجل تقدم مصر، وأمام الدعم اللامحدود الذي تلقاه مصر من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية على جميع الصعد. طوال المائة يوم الماضية لم تتوقف الإشاعات والحرب الكلامية والاتهامات والحملات الإعلامية على الرئيس السيسي، ولكنه بدا متماسكاً متقدماً إلى الأمام يواجه التحديات والتي كان أكبرها حرب غزة، ثم أزمة الكهرباء، والحرب على الإرهاب وغيرها، ليؤكد للعالم أن في مصر رجلاً مختلفاً، وكأنه جاء من زمان آخر، لينقذ مصر والعالم العربي من أكبر كارثة في تاريخها، فبعد أن اختطف «الإخوان» ثورة الشباب، وانقضوا على السلطة، وسيطروا على الدولة، أصبح لابد أن يظهر من ينقذ مصر من قبضة جماعة رجعية إرهابية ذات أجندة سرية وولاءات غير وطنية. ظهر السيسي في وقت لم يبق فيه أمل للنجاة، أو كان أملاً ضعيفاً جداً، خصوصاً بعدما قدم الغرب دعمه، بل تحالف بكل قوة مع جماعة «الإخوان» ومجموعات الإسلام السياسي في المنطقة، بقناعة غربية ساذجة، مفادها أن هؤلاء هم من يمكنهم أن يحكموا المنطقة، وأن هؤلاء هم من يمتلكون الشارع، ويمكنهم أن يحركوه كيفما يشاؤون وإلى أينما يشاؤون. ولكن جاءهم رجل من حيث لا يعلمون، ليحطم تلك الأحلام على صخرة الواقع. فبدعم الأشقاء المخلصين لمصر وبتأييد شعبي جارف للتغيير ورفض «الإخوان»، تغير كل شيء في مصر في 30 يونيو 2013، وسقط قناع «الإخوان» إلى الأبد. في ذلك الوقت كانت مصر بحاجة إلى أصدقائها الحقيقيين الذين يقفون معها، فكانت الإمارات والمملكة العربية السعودية في وجه المدفع، وفي مواجهة كثير من دول العالم من أجل مصر ومستقبل شعبها. سيكتب التاريخ أن رجلاً شجاعاً ظهر في مصر في وقت فقد فيه الجميع الأمل. رجل اتخذ قراراً بالتضحية بكل ما يملك من أجل وطنه وأبناء شعبه، ومن أجل المنطقة. وإذا كان يُحسب للسيسي في الأيام المائة التي مضت على حكمه شيء، فإنه يحسب له أنه أعاد الأمن والاستقرار إلى مصر. وهذا ما افتقده المصريون خلال حكم «الإخوان»، ويحسب له أنه أعاد التوازن السياسي في المنطقة وللدول العربية بعد أن فقدوها خلال سنوات.. كما يبدو أن الرجل لديه مشروع اقتصادي واضح ومشروع سياسي محدد.. ويبدو أن كل ما يحتاجه هو الوقت. لا أرى في السيسي ممثلاً ولا مدعياً ولا ساعياً للسلطة، فالرجل يبدو صادقاً محباً لوطنه وأمته ويخاف عليها كما يخاف على أسرته لذا يجب الوقوف إلى جانبه.. أما التخوف من أن يكرر السيسي نموذج عبدالناصر، فإنه غير وارد، ولن يكون السيسي محمد أنور السادات ولا محمد حسني مبارك، فهذا الرجل الذي خرج من رحم الثورة ومن قلب الرغبة في التغيير، لا يمكن أن يشبه أحداً قبله، ولن يسمح أن يكرر أخطاء من سبقه. من كان منكم بلا خطيئة فليرمني بحجر، وهذا رجل كباقي البشر له إيجابياته وسلبياته، ولديه ما يميزه، ويبدو واضحاً أن السيسي يحاول أن يكون الرجل الذي يرضى عنه الشعب المصري. ومن الواضح أنه يعمل كي يشعر كل مصري بالفخر لأن السيسي هو رئيس دولته، كما أنه يحاول أن يقدم شيئاً مختلفاً لمصر.. وعندما يترك كرسي الحكم يكون قد فعل شيئا لهذا الشعب الذي من الواضح أنه يحبه. كمراقب من بعيد للحالة المصرية، يبدو لي أن هناك رجلاً يحكم دولة عريقة بروح الشباب ويدير حكومة تعاني الصعوبات وتواجه التحديات بروح التفاؤل، ورغم ذلك فإنه من الواضح أن الهجوم على السيسي لا يتوقف ولن يتوقف ولذا أصبح مطلوباً من الشعب المصري ألا يتوقف عن دعمه فهذا الرجل هو قدر مصر وربما قدر الأمة العربية بأسرها.. ويجب ألا ننسى أن الشعوب والأمم لا تحصل دائماً ولا بسهولة على زعيم حقيقي يثق به الشعب ويؤيده. لقد نجح السيسي في أن يكون رئيساً لجميع المصريين، الوطنيون منهم والناصريون والليبراليون.. المثقفون منهم وغير المتعلمين.. المسلمون منهم والمسيحيون.. من هم داخل مصر والمغتربون... ما عدا الإخوان المسلمين الذين ربما لا يرغب السيسي في أن يكون رئيساً لهم.. فحتى الإسلاميين والمتدينين يحبونه فهم يرونه رئيساً ملتزماً دينياً ولا يدخن ولا يشرب الخمر، كما أنه يحافظ على صلواته ويؤديها في الاتحادية، ولكنه لا يفعل كما فعل من سبقه وكأنه لم يصل في الاتحادية قبل مرسي أحد. بعد مائة يوم من الاستقرار يبدو أن المصريين يجب أن يتحملوا مع رئيسهم، مسؤولية المرحلة المقبلة من أجل مستقبل مصر ومستقبل المنطقة. والدول والشعوب الشقيقة لمصر وفي مقدمتها، الإمارات والمملكة العربية السعودية لن تتخلى عن مصر، فكما وقفت معها في أصعب الأوقات، فإنها ستواصل معها السير حتى تحقق أهدافها وترى الإنجازات على أرض الواقع. ـ ـ ــ ــ محمد الحمادي كاتب وصحفي- الامارات twitter: @ MEalhammadi