هل سيزول خلل السياسة الأميركية إذا تخلصنا من المنافسات التمهيدية للحزبين الجمهوري والديمقراطي؟ هذا هو ما زعمه عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن ولاية نيويورك تشارلز سكومر في مقالة افتتاحية نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز». ويتصور سكومر أن نظام المنافسات التمهيدية في معظم الولايات، الذي يختار من خلاله الناخبون مرشحين لأحزابهم كي يخوضوا المنافسات النهائية في نوفمبر، يعطي ثقلاً أكثر مما ينبغي لمصداقية الحزب، الذي يميل إلى اختيار مرشحين إما ينحدرون إلى أقصى «اليمين» أو أقصى «اليسار». والعلاج الذي يقترحه سكومر لهذه العلة هو «المنافسات المفتوحة» يخوض فيها جميع المرشحين الانتخابات التمهيدية، بغض النظر عن حزبهم، في اقتراع واحد، على أن يتقدم المرشحان الحاصلان على أعلى أصوات أياً كان انتماؤهم إلى الانتخابات العامة. ويستشهد عضو مجلس الشيوخ بنموذج كاليفورنيا، التي كانت تواجه أكبر حالة جمود سياسي بين الولايات وأضحت الآن مكاناً يسهل فيه سنّ القوانين، كدليل على أن مثل هذه المنافسات التمهيدية «المفتوحة» تعتبر حلاً مثالياً. لكن سكومر يسيء فهم ما تفعله كاليفورنيا مرة أخرى. وبذلك، يتجاهل أيضاً الأخطاء القاتلة لنظام «المنافسات المفتوحة». وقبل عام 2010، واجهت حكومة كاليفورنيا شللاً سياسياً، إذ نصّ قانون الولاية على أن يصوت ثلثا الأعضاء في كل من مجلسي النواب والشيوخ من أجل تمرير الموازنة وزيادة الضرائب. ولكن بسبب الانقسام إبان الأزمة المالية عام 2008 بين الديمقراطيين، الذين أرادوا تفادي تخفيضات عملاقة، والجمهوريين الذين يعارضون زيادة، لم يتم تمرير الموازنة. وبالتالي، انخفض الدعم للجامعات والرعاية الصحية والبنية التحتية، واضطرت الولاية لفترة وجيزة لدفع رواتب موظفيها ومتعاقديها عن طريق شهادات الدين. ورغم ذلك، في عام 2010، طرح الناخبون سلسلة من المبادرات بشأن نظام الاقتراع وضعت نهاية لحالة الشلل التي أصابت الولاية. وأبطلوا مطلب تصويت ثلثي الأعضاء لتمرير الموازنات، ومنذ ذلك الحين لم تتجاوز مداولات الموازنة الموعد القانوني. وأعادوا تقسيم الدوائر الانتخابية وخصصوا مقاعد للجنة غير حزبية. ثم فعّلوا نظام المنافسات المفتوحة. ولعل إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية وتخصيص مقاعد غير حزبية هو الإصلاح الذي أعاد مرونة الحكم إلى الولاية وليس نظام المنافسات المفتوحة. ولم تعد الدوائر الانتخابية الجديدة، التي تزامنت مع انتخابات عام 2012، مصممة لحماية مسؤولي أي الحزبين. وقد كان تأثير هذه التغييرات ـ إلى جانب التخلص من بعض المسؤولين من كلا الحزبين ـ هو ظهور دوائر انتخابية يوجد بها عدد كبير من الناخبين ذوي الأصول اللاتينية والآسيوية في أنحاء الولاية منحوا الديمقراطيين أغلبية، ومن ثم فاز الحزب الديمقراطي بأغلبية الثلثين في كل من مجلسي النواب والشيوخ، وهو ما مكن حكومة الولاية من زيادة الإيرادات مرة أخرى. وعلاوة على ذلك، كان للمنافسات المفتوحة أثر عكسي كبير، ففي إحدى الدوائر الانتخابية في لوس أنجلوس، كان الناخبون الديمقراطيون يتمتعون بأغلبية كبيرة، بدرجة جعلت أربعة مرشحين ديمقراطيين واثنين من الجمهوريين يخوضون المنافسة التمهيدية على المقعد في عام 2012. وكانت النتيجة انقسام أصوات الديمقراطيين بين أربعة مرشحين، وهو ما مكّن المرشحين الجمهوريين من التقدم لاقتراع نوفمبر. وأصبح الفائز في الجولة النهائية هو جاري ميلر، الذي آثر عدم الترشح العام الجاري لأن سجل إنجازاته لم يعكس بحال من الأحوال رغبات غالبية الناخبين في الدائرة. ومن المحتمل أن تتكرر هذه التجربة في انتخابات العام الجاري أيضاً. فيا أيها السيناتور سكومر.. إذا كان هذا هو حلك المقترح، ففكر مرة أخرى! هارولد ميرسون محلل سياسي أميركي يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»