الكارثة المنجمية في تركيا.. والفوضى الأمنية في ليبيا هل من سبيل للخروج من الفوضى الليبية المتفاقمة، أم أن الغرب نجح في الإطاحة بالقذافي ولم يعبأ بسقوط الدولة هناك؟ وهل ينجو رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من غضب مؤيديه بعد كارثة المنجم كما نجا من فضيحة الفساد؟ وماذا يعني فوز «مودي» في الانتخابات الهندية؟ وهل يستمر التعافي الاقتصادي في بريطانيا رغم وجود مشكلات عميقة في سوق الإسكان؟ تساؤلات نسلّط الضوء عليها في إطلالة سريعة على الصحافة البريطانية خلال الأسبوع الجاري. الأزمة الليبية تحسّرت صحيفة «فاينانيشال تايمز» في افتتاحيتها أول من أمس، على ما آلت إليه الأوضاع في ليبيا بعد مرور ثلاثة أعوام على الإطاحة بمعمر القذافي في عملية عسكرية بقيادة حلف «الناتو» في أكتوبر عام 2011. ولفتت إلى أن هذا البلد الغني بالنفط، الذي يبلغ تعداد سكانه ستة ملايين نسمة، كان له أن يصبح واحداً من أكثر البلدان ازدهاراً في شمال أفريقيا، لكن الحكومات المنتخبة المتعاقبة وجدت من المستحيل إرساء دعائم الاستقرار في البلاد والاستفادة من ثروتها النفطية الضخمة. وعزت الصحيفة صعوبة استعادة الاستقرار إلى وجود مئات الميلشيات التي تجمع زهاء 250 ألف مسلح في أنحاء البلاد، حيث تستخدم الأسلحة التي تم الاستحواذ عليها من مخازن أسلحة القذافي إثر سقوطه. وأضافت: «إن السلطات في طرابلس عجزت دائماً عن رفض مطالب هذه الجماعات المسلحة من أجل المال، وأخفقت في التغلب على الميلشيات المسيطرة على أجزاء حيوية من البنية التحتية النفطية الليبية». وتابعت: «هناك مجموعة جديدة من القوى الفاعلة تحاول السيطرة على هذا المشهد الفوضوي، وهذه المجموعة من ضباط سابقين وحاليين من عهد القذافي، من بينهم الجنرال المتقاعد خليفة حفتر». وأوضحت أن هذه المجموعة من الضباط بدعم قوي من السياسيين الليبراليين يحاولون الإطاحة بالحكومة ذات التوجه الإسلامي. ودعت الصحيفة الحكومات الغربية إلى التعامل مع الأحداث الجارية في ليبيا بحذر، لافتة إلى أن التحرك الذي أقدم عليه حفتر ومجموعته يبدو مألوفاً لدى الليبيين المستائين من فشل الحكومة الحالية في تفكيك المليشيات الإسلامية. واستطردت: «لكن على الحكومات الغربية ألا تتجاهل أن ليبيا بها حكومة منتخبة بشكل ديمقراطي، ومن ثم، فعلى الغرب أن يدعو الطرفين إلى تفادي التدهور والانزلاق في صراع كامل الأركان بين القوى الإسلامية والليبرالية». وشددت على أنه كان من الصواب الإطاحة بالقذافي، لكن بالتأكيد بعد مقتله، أخفقت القوى الغربية بقيادة بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في اتخاذ التدابير الضرورية من أجل إرساء نظم حكم مستقر في ليبيا. وقالت الصحيفة: «مهما يحدث الآن، على الغرب ألا يتجاهل ليبيا، ولابد أن تعود مرة أخرى مورداً بارزاً للنفط، وهو أمر حيوي بالنظر إلى حالة انعدام اليقين المتزايدة بشأن جدية ومصداقية روسيا كمورد للنفط». وتوقعت أنه في حالة استمرار الزعزعة السياسية، فهناك خطر من تدفقات المهاجرين من أفريقيا إلى أوروبا عبر الشواطئ الليبية على البحر المتوسط. كارثة تركيا استهجنت صحيفة «الإندبندنت» في مقال نشرته يوم الاثنين الماضي استمرار شعبية رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بين المعجبين به، رغم سقوط 300 شخص في منجم «سوما للفحم»، وتساءلت: ألا يكفي ذلك هؤلاء للتفكير مرة أخرى؟ وأشارت كاتبة المقال جوان سميث إلى أن الانفجار في المنجم خلف مشاهد جحيمية، لكن زيارة رئيس الوزراء زادت الأمور سوءاً، جراء اشتباك أفراد موكبه مع المتظاهرين الذين حاصروا سيارته وركلوها. وأوضحت سميث أن مأساة المنجم تمثل تطوراً جديداً في الأزمة السياسية التركية الممتدة منذ أكثر من عام، التي نجا منها «حزب العدالة والتنمية» الحاكم رغم المظاهرات الشعبية في إسطنبول وأنقرة وإزمير، التي تمت مواجهتها بقنابل الغاز المسيلة للدموع وخراطيم المياه والقوة المفرطة، ولم تؤثر على شعبية أردوغان وحزبه في الانتخابات المحلية الأخيرة. وأضافت: «لكن رده الخشن على الخسائر في منجم سوما، عبر سرد قائمة من كوارث المناجم في دول أخرى للبرهنة على أنها أحداث عادية، ينم عن ضعف قاتل في هيكل حزبه». ونوّهت إلى أن «حزب العدالة والتنمية» فاز في الانتخابات بطرح يجمع بين القيم المحافظة الدينية والنمو الاقتصادي السريع، مستدركة أنه خلال حكمه تراجع سجل تركيا في حرية التعبير. وأكدت أنه بينما لم تؤثر فضائح الفساد على شعبية أردوغان بين ناخبيه التقليديين، فإن كارثة سوما مختلفة، لاسيما أنها وقعت في منطقة يحظى فيها الحزب الحاكم بتأييد قوي، إضافة إلى الاعتماد المتزايد على الفحم، والذي يمثل جوهر النجاح الاقتصادي في تركيا. وتوقعت سميث أن تتضاعف متطلبات الطاقة في تركيا في غضون العقد القادم، بعد أن زاد بشكل كبير الاعتماد على محطات الطاقة التي تعمل بالفحم خلال الأعوام الخمسة الماضية. وتابعت: «صاحبت استراتيجية الطاقة التركية برنامج خصخصة عدواني، وكان منجم سوما من بين المناجم التي باعتها الحكومة لشركة خاصة، وهو ما أثر على تدابير السلامة بهدف خفض الإنفاق وتحقيق الأرباح». وذكرت أن «حزب العدالة والتنمية» يرى أن بمقدوره النجاة بعد الهجمات الشرسة على الطلاب والصحفيين وناشطات حقوق المرأة والمفكرين ونشطاء البيئة، كما لا يبدو أن أردوغان يعبأ بتأثير أسلوبه المتنمّر على العلاقات التركية مع الاتحاد الأوروبي. واختتمت سميث مقالها بالإشارة إلى أنه في دولة تعجّ بالانقسام على أساس الدين والتعليم والثروة، سيحتاج أردوغان حتماً إلى أصوات الطبقة المتوسطة، ولعل أرواح عمال المنجم الـ300 ستؤثر على مؤيديه بسبب الثمن الباهظ الذي تدفعه تركيا لقاء التوسع الاقتصادي. فوز «مودي» اعتبرت صحيفة «الجارديان» في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي التي عنونتها «موعد آخر مع القدر»، أن فوز ناريندرا مودي في الانتخابات الهندية يمثل نهاية لعصر طويل هيمنت فيه هياكل الحكم البريطانية على النظام في شبه القارة الهندية. وأشارت إلى أن الهند في ظل حكم حزب «المؤتمر» كانت في كثير من الأوجه استمراراً للحكم البريطاني في الدولة الآسيوية، لاسيما أن نخبة صغيرة تتحدث الإنجليزية هيمنت على مقاليد السلطة. ورغم أن تعاملها مع أفراد الشعب كان قائماً على العطاء وتحقيق المنفعة، إلا أنه لم يكن شاملا. وأوضحت أن الديمقراطية أعطت الهنود حق التصويت، لكنها لم تمنحهم صوتاً مسموعاً خلال فترة طويلة من الزمن. ولفتت إلى أنه في انتخابات عام 1977 التي أعقبت حالة الطوارئ الكارثية التي أعلنتها رئيسة الوزراء إنديرا غاندي، ظهر شعور مفاجئ بقدرة ثورية يمكن أن تعيد تشكيل المشهد السياسي، لكن هذه اللحظات كانت نادرة. وأكدت أنه تم سماع ذلك الصوت مرة أخرى عبر نوع جديد من الزعماء متمثلا في شخص مودي، لاسيما أنه من طبقة هندوسية قومية ولا يتحدث الإنجليزية بطلاقة، كما أنه غير مرتبط بالتقاليد الاشتراكية والعلمانية التي طغت على حزب «المؤتمر». ونوهت إلى أن مودي يعرف طموحات جموع الشعب التي دفعت به إلى سدة الحكم وأنه لابد من تلبيتها ولو بصورة جزئية إذا كان مقدراً لبدايته الجديدة النجاح وعدم الانزلاق في براثن الإحباط. فقاعة بريطانية أفادت صحيفة «ديلي تليجراف» في افتتاحيتها أول من أمس أن ارتفاع أسعار المنازل البريطانية في بعض أجزاء البلاد ساعد في الانتعاش الاقتصادي، لكنها حذرت من وجود فقاعة يمكن أن تنفجر. وسلطت الضوء على تصريحات محافظ البنك المركزي مارك كارني، من أن سوق الإسكان تعاني من مشكلات «عميقة» يمكن أن تمثل «خطراً محدقاً» على الاقتصاد البريطاني. وأوضحت أن التحدي يكمن في مزيج من قلة المعروض وارتفاع الطلب بشكل كبير وعودة الإقراض ببذخ والرهون العقارية، التي تزيد على أربعة أضعاف دخل المقترضين، لافتة إلا أنه إذا اقترض الناس أكثر من طاقتهم، فهناك خطر تراكم سريع للديون وارتفاع أسعار الفائدة. وذكرت الصحيفة أنه لا يزال هناك كثير من الجهود الضرورية لتحقيق تعاف اقتصادي مستدام، مؤكدة أن عجز الموازنة لا يزال مرتفعاً، كما أن المواطن البريطاني العادي أفقر مما كان في عام 2007، ومن ثم لا يمكن للبريطانيين تحمل أزمة جديدة في سوق الإسكان. إعداد: وائل بدران