مأساة إيران هي أنها ربما لن تكون قادرة على التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي حتى عندما تدرك أنها في حاجة لمثل هذا الاتفاق. وتعرف الطبقة السياسية في إيران أن تشبثها بالسلطة يعتمد على النمو الاقتصادي المستدام، ويتطلب ذلك في المقابل حلاً للقضية النووية، لكن الحكام في إيران لا يزالون يريدون النفوذ الذي تمنحه القوة النووية. وكان من المعتقد أن الجمهورية الإسلامية ستكون مختلفة في هذه الجولة من المفاوضات، وكان العالم يأمل أن تضع الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2013 نهاية لتزوير الانتخابات في عام 2009، بعد أن وصلت قوى الاعتدال التي أثر عليها التزوير في النهاية إلى سدة الحكم بوصول حسن روحاني ليخلف أحمدي نجاد. ولكن النظام قد نجح في إعادة تأهيل نفسه واستعادة مصداقيته، وبرهن المرشد الأعلى على مرونته، ومن ثم نجح في الاحتفاظ بجمهوريته المترنحة. ولكن هذه الرؤية تتجاهل التأثيرات المستمرة للانتخابات المزورة في عام 2009، وبمجرد أن خرج ملايين الإيرانيين إلى الشوارع يزعمون أن نجاد قد سرق الانتخابات، حتى انضمت الفصائل السياسية من اليمين والوسط إلى الصفوف. وواجه النظام تحدياً كبيراً من المتظاهرين وكذلك من الإصلاحيين اليساريين، الذين اختار كثير منهم النأي بأنفسهم عن الحكومة. وقد كان القمع الذي أعقب المظاهرات سريعاً، وتم استئصال الإصلاحيين من الحياة السياسية، ولا تزال السجون مكتظة بهؤلاء الذين اختاروا أن «يعيشوا الحقيقة بدلاً من الانضمام إلى الكذب». وفي خطبه وتصريحاته، أوضح خامنئي أن أي انتقاد لانتخابات عام 2009 يعتبر من أعمال بث الفتنة، ورحب حلفاؤه في جناح اليمين بهذا القرار، وأما السياسيون من تيار الوسط ـ مثل روحاني ـ فقد قبلوا هذه الفتوى، في صفقة كان ثمنها السماح بالترشح للرئاسة. ولم تحرز إدارة روحاني أي تحسن في سجل حقوق الإنسان داخل إيران، لأن ذلك لم يكن أبداً جزءاً من الصفقة القاسية التي أبرمها الرئيس مع المرشد الأعلى، وإنما تقتصر محفظة روحاني على الاقتصاد والدبلوماسية النووية. وفي هذه الأثناء، يمثل خامنئي وروحاني الآن الأحزاب السياسية التي استثمرت بشكل كبير في البرنامج النووي، وتقتضي رؤية خامنئي وحرسه الإمبراطوري للهيمنة الإقليمية وجود قدرات عسكرية متطورة، بينما تؤرخ مذكرات روحاني للصناعة الذرية الناشئة التي ورثتها الجمهورية الإسلامية من الشاه. وقد ضغطت الضرورات الاقتصادية على كلا الرجلين كي يقبلا الدبلوماسية بشأن القضية، لكن إجبارهم على قبول اتفاق صارم أمر آخر، وعلى رغم أن خامنئي وروحاني يريدان التوصل إلى اتفاق، لكنهما يريدان أيضاً الاحتفاظ بقدر كبير من البنية التحتية النووية. ولعل هذا السبب في أن الفتوى الخاصة بانتخابات عام 2009 ربما قد قضت على احتمالات التوصل إلى اتفاق قابل للتطبيق من أجل السيطرة على الأسلحة، بينما يقتضي التوصل إلى حل دائم للوضع النووي المعقد في إيران حكومة إصلاحية في السلطة. ولم يتحدث الإصلاحيون، مثل الرئيس الأسبق محمد خاتمي، عن هيمنة إقليمية، وإنما عن سياسات حسن جوار، كما أن تركيز الإصلاحيين على التحرر الداخلي سيقودهم في نهاية المطاف إلى قبول قرارات المجتمع الدولي. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال». زميل مجلس العلاقات الخارجية الأميركي