قمنا في الآونة الأخيرة بزيارة كل من النرويج، وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا ومولدوفا. وفي كل دولة، كان حلفاؤنا يطالبوننا باستجابة فورية وقوية لضم روسيا لشبه جزيرة القرم وعمليات التخريب المستمر التي تقوم بها في أوكرانيا. وهم أيضاً يعتقدون، وكذلك نحن، أن الأعمال العدوانية التي قام بها بوتين في أوكرانيا تتطلب استجابة استراتيجية دائمة من جانب الولايات المتحدة وأوروبا وحلف شمال الأطلسي. وينبغي أن يكون من الواضح للجميع أن الرئيس الروسي أخذ منعطفاً خطيراً. ولا يمكن أن تكون هناك إعادة ضبط لهذه العلاقة. ولا يمكننا العودة إلى العمل كالمعتاد. علقت الدول الغربية آمالاً كبيرة على علاقاتنا مع روسيا بعد الحرب الباردة، وكانت تصرفاتها تستند على هذا المنطق. كما قدمنا مليارات من الدولارات لمساعدة روسيا على الانتقال من الحكم الشيوعي، وقمنا كذلك بإنشاء آليات جديدة للتشاور، وتوسيع التجارة بين الجانبين. ومن جانبه، فإن "الناتو" ليس ملتزماً بنشر قدرات عسكرية كبيرة على أراضي الحلفاء الجدد، حتى مع توسعه. وسعى الغرب إلى تشجيع روسيا على التعهد بجعل أوروبا كاملة حرة وتنعم بالسلام- وهي الرؤية التي لا زلنا نعتقد أنها ستعود بالفائدة على جميع المشاركين. وللأسف، فقد تلاشى الأمل في إقامة علاقة مع روسيا في عهد بوتين. والمنافس الودود، في أفضل الأحوال، أصبح عدوا غير ودود، فبوتين لن يتنازل عن سعيه للسيطرة على الدول المجاورة لروسيا (إطلاقا كوسيلة ساخرة لحشد الدعم لحكمه الاستبدادي). وهو الأمر الذي قد يتماشى مع دبلوماسيين غربيين حريصين على تجنب الصراع، كما حدث مؤخرا في جنيف، ولكن فقط كوسيلة لتعزيز مكاسبه، وتقسيم الولايات المتحدة وأوروبا وكسب الوقت والاستعداد لمزيد من الدفع. ومن ناحية أخرى، فإن ضعف الغرب يشجع بوتين، فالشيء الوحيد الذي يحترمه ويجعله يغير حساباته هو وجود قوة أعظم. يجب أن نبني سياستنا على هذا الأساس، فعلى المدى القصير، ينبغي أن تقوم الولايات المتحدة بتوسيع نطاق العقوبات المفروضة على كبرى البنوك الروسية، وشركات الطاقة، وغيرها من القطاعات الاقتصادية في روسيا– مثل صناعة السلاح– والتي تعتبر بمثابة أدوات لسياسة بوتين الخارجية. كما يجب علينا أيضاً فضح أفظع قضايا الفساد للمسؤولين الروس وقطع علاقة هؤلاء الأشخاص، وشركائهم في العمل وأقاربهم باقتصادات الدول الغربية وكذلك منعهم من السفر إليها. وقد يأمل بعض حلفائنا الأوروبيين في تجنب فرض عقوبات صارمة، ولكن الإجراءات الضعيفة لن تتمكن من وقف بوتين، كما أن تكاليف القيام بذلك ستتضاعف مع مرور الوقت. وفي نهاية المطاف، ما يفعله بوتين في أوكرانيا يتطلب استجابة استراتيجية. هذا لا يعني الدخول في حرب باردة جديدة، ولكن الاعتراف بتحدي بوتين الجيوسياسي لنظام ما بعد الحرب الباردة في أوروبا والاستعداد لعلاقة أكثر تنافسية مع روسيا. ومن ناحية أخرى، يجب على "الناتو" إعادة التزامه بتنفيذ مهامه الأساسية من الردع والدفاع الجماعي. وهذا يتطلب إعادة التوازن لموقف ووجود قوة الحلف. ومن ناحية أخرى، يجب تعزيز قدرات الناتو العسكرية وتوزيعها بالتساوي عبر الحلف، بما في ذلك تعزيز وجودها القوي والثابت في وسط أوروبا ودول البلطيق. وينبغي على الولايات المتحدة التراجع عن التخفيضات الضارة التي أحدثتها في موازنة الدفاع. كما يجب على دول "الناتو" تلبية التزاماتها بإنفاق 2 بالمئة على الأقل من إجمالي ناتجها المحلي على متطلبات الدفاع بأسرع وقت ممكن. نحن أيضا في حاجة إلى تنفيذ استراتيجية للطاقة عبر الأطلسي، فأوروبا ما زالت تعتمد على النفط والغاز الروسي، بينما تزداد إمدادات الولايات المتحدة نمواً بوتيرة أسرع من قدرتنا على تقديمها للأسواق (في الواقع، يجب تفجير كميات من الغاز بما قيمته 1.5 مليون دولار– أي حرقها دون جدوى لعدم وجود قدرة كافية لنقلها أو تكريرها– كل يوم في ولاية داكوتا الشمالية وحدها). وسيستغرق الأمر سنوات لمواءمة الطلب الأوروبي والإمدادات الأميركية، لكن علينا أن نبدأ الآن. ومن ناحيتها، على الدول الأوروبية الاستثمار في إعداد البنية التحتية حتى تتمكن من استقبال الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، كما تفعل ليتوانيا، ونقله عبر أنحاء أوروبا. ومن ناحيتها، ينبغي على إدارة أوباما معالجة محطات الغاز الطبيعي المسال حتى يتمكن القطاع الخاص من بناء قدرات جديدة للنقل والتخزين. وقد تتمكن هذه الإجراءات من إضعاف بوتين ودعم حلفائنا، وتعزيز الاقتصاد الأميركي وزيادة العائدات الفيدرالية وخلق الآلاف من فرص العمل الجديدة. وخلال رحلتنا، برزت حقيقة أخرى مراراً وتكراراً، وهي أن بوتين تمكن من الفوز في حرب الأفكار بين الشعوب الناطقة بالروسية في الاتحاد السوفييتي السابق. إن دعاية بوتين تستند على الأكاذيب، لكنها فعالة ويصعب تفنيدها، أما نحن، فقد تخلينا تماماً عن توصيل الحقيقة، باللغة الروسية، إلى الشعوب الناطقة بالروسية في أوروبا. هذا الأمر يتطلب تغييراً، لذا فقد لا تتمكن الدبلوماسية العامة القديمة التي تديرها الدولة بالضرورة من القيام بهذه المهمة، ولكن القطاع الخاص قد يتمكن من القيام بدور مهم. وأخيراً، يجب على الغرب تقديم المزيد من الدعم الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري لأوكرانيا، ومولدوفا وجورجيا وغيرها من الدول الأوروبية التي تطمح في أن تكون جزءا من مجتمعنا عبر الأطلسي. ومن ناحية أخرى، يجب أن نؤكد لهذه الدول أنها، طالما بإمكانها تلبية معايير العضوية بالطريقة الصحيحة، فإن أبواب الحصول على عضوية "الناتو" والاتحاد الأوروبي ستظل مفتوحة، وأن هذه الدول ستكون بوسعها القيام بالخيارات الأساسية فيما يتعلق بمستقبل سياستها الخارجية - وليس أي طرف آخر. ------ جون ماكين جون باروسو جون هوفن رون جونسون أعضاء "جمهوريون" في مجلس الشيوخ الأميركي عن ولايات أريزونا ووايمنج ونورث داكوتا وويسكونسن، على التوالي ------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"