الصحافة الإسرائيلية
احتمالات انهيار الائتلاف في إسرائيل.. وتحالف بين الفلسطينيين وروسيا
زهير الكساب
تراجع تدريس اللغة العربية في إسرائيل، وتهديدات «نفتالي بينيت» بالانسحاب من الائتلاف الحكومي، وتوجه الفلسطينيين للأمم المتحدة بعد تعطل المفاوضات، وتحالف جديد بين موسكو والفلسطينيين.. قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية
العربية في إسرائيل
انتقدت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي الوضع الذي آلت إليه اللغة العربية في النظام التعليمي بإسرائيل، فقد تدهورت إلى درجة باتت تنذر بالاختفاء والتلاشي، وهو وضع لا يستقيم، تقول الصحيفة، في ظل الحضور الوازن للعرب في إسرائيل الذين تصل نسبتهم إلى أكثر من 20 في المئة من السكان، هذا ناهيك عن اليهود المقيمين في إسرائيل الذين هاجروا من بلدان عربية والمحيط العربي الطاغي على المنطقة. وفي توضيح أسباب التدهور ترى الصحيفة أن النظم التعليمية المتباينة والتضارب في السياسات التعليمية المرتبطة باللغة العربية تقف حائلاً دون تطورها، فعلى رغم أن العربية تدرس في المؤسسات التعليمية الإسرائيلية منذ عام 1948، إلا أنها تظل على سبيل المثال إلزامية في المناطق الشمالية لإسرائيل خلال المراحل الابتدائية دون غيرها من المناطق. كما أن إلزامية تعليم اللغة العربية لا تمتد إلى المدارس الدينية التي تمولها الدولة، فيما يقتصر تعليم العربية في مدارس أخرى على المراحل الوسطى. ولكن بالإضافة إلى القوانين التعليمية المتضاربة هناك أيضاً غياب مدرسين أكفاء في ظل رفض المدارس الاستعانة بالتربويين العرب الذين يجيدون اللغة، والنتيجة أن مستوى التدريس يظل ضعيفاً ولا يرقى إلى المعايير المطلوبة. ثم يأتي عامل النظرة السائدة إلى اللغة العربية التي لا ترى فيها سوى «لغة العدو» تدرس فقط لإعداد كوادر الاستخبارات! وهو ما يكبح أي انفتاح إيجابي على العربية باعتبارها أداة للتواصل مع المحيط العربي، والتفاعل مع ثقافته. ولذا تنصح الصحيفة بتفعيل حقيقي للقانون الذي ينص على أن العربية لغة رسمية في إسرائيل من خلال تطوير المناهج وتوحيدها وإلزام تدريسها على أيدي أبنائها، ذلك أن إسرائيل، تخلص الصحيفة، تبقى في جميع الأحوال جزءاً من الشرق الأوسط بصبغته العربية الغالبة، ما يحتم على إسرائيل التفاعل مع هذا المعطى والانكباب على تعلم اللغة العربية.
نتنياهو و«بينيت»
تطرقت «هآرتس» في افتتاحيتها يوم الأحد الماضي إلى التوتر الناشب حالياً داخل الائتلاف الحكومي في إسرائيل بين أقطابه الأساسية، لاسيما بعدما هدد وزير الاقتصاد وزعيم حزب «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، بالانسحاب من الائتلاف إذا ما أطلق نتنياهو سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، وبخاصة حملة الجنسية الإسرائيلية، لأن المسألة من منظور وزير الاقتصاد تمثل انتهاكاً للسيادة الإسرائيلية، غير أن هذه السيادة ترد الصحيفة لا يستدعيها «بينيت» إلا عندما تتفق ومصالحه، فأين كانت السيادة، تتساءل «هآرتس»، عندما وجه الوزير رسالة إلى رئيس الحكومة يطلب فيها ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل بسبب تعثر مفاوضات السلام مع الفلسطينيين؟ وتمضي الصحيفة في تذكير نفتالي بينيت بأن إسرائيل سبق لها أن وافقت على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في إطار صفقة الإفراج عن الجندي شاليط مع «حماس»، ولكن يبدو أن الهدف الرئيس لليمين في إسرائيل هو نسف المفاوضات مع الفلسطينيين كلما اقتربت من نقطة التوافق، ليصبح على المحك اليوم ليس فقط وفاء إسرائيل بالتزاماتها التي وافقت عليها وتقضي بالإفراح عن الأسرى، بل أيضاً تهديد مجمل عملية السلام مع الفلسطينيين، إذ من الواضح أن السلطة لن تستطيع الجلوس مجدداً إلى طاولة المفاوضات إذا أصرت الحكومة الإسرائيلية على تعطيل عملية الإفراج عن الأسرى، وهذا بالضبط ما يرمي له اليمين. والمشكلة لو أذعنت الحكومة لأهواء «بينيت» وأمثاله، تقول الصحيفة، فإن إسرائيل ستدفع الثمن إما باندلاع انتفاضة فلسطينية، أو تزايد المقاطعة العالمية للدولة العبرية، وهي أمور سيتحملها المواطن العادي وليس اليمين. وإذا كان الائتلاف الحكومي لا يخدم مصالح إسرائيل فلا خير في بقائه من الأساس، أو السعي للحفاظ عليه بترضيات سياسية تضر بإسرائيل.
الانضمام للوكالات الأممية
كتب أوديد إيرون، كبير مفاوضي إسرائيل بين 1999 و2000، وروبي سابيل، أستاذ القانون الدولي بالجامعة العبرية مقالاً مشتركاً خلال الأسبوع الماضي بصحيفة «جيروزاليم بوست» يطرحان فيه فكرة مثيرة تقول بدعم إسرائيل والولايات المتحدة للتحرك الفلسطيني بالانضمام إلى منظمات تابعة للأمم المتحدة، فمن المعروف أنه بعد الانسداد الذي وصلته المفاوضات بين الجانبين واحتمال توقفها نهائياً إذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق لتمديدها، لجأت السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة من خلال التقدم بطلبات الانضمام إلى نحو 15 من وكالاتها، ومع أن هذا التوجه لن يمر في مجلس الأمن الدولي بالنظر إلى تحفظ أميركا على التحركات الأحادية، وأيضاً لاحتجاج إسرائيل بأن التحرك ينتهك اتفاقات أوسلو التي تمنع الإقدام على سياسات أحادية من أي طرف! إلا أن الفلسطينيين، يقول الكاتبان، سيحصلون في النهاية على مرادهم في الجمعية العامة التي تساندهم وتدعم توجههم، بحيث تجد إسرائيل نفسها أمام عضو في الوكالات الأممية؛ ولكن على رغم المخاوف التي تبديها إسرائيل، يقلل الكاتبان من أهمية الأمر، ذلك أن فلسطين ستكون دولة من دون حدود واضحة ولا عاصمة متفق عليها، ولا حتى حل للإشكالات المطروحة مثل اللاجئين وغيرها، وهي صورة تشبه إلى حد كبير إسرائيل نفسها التي هي أيضاً لا عاصمة واضحة لديها، ولا حدود معترفاً بها، ليبقى المتغير الوحيد أن الفلسطينيين سيلزمون أنفسهم بقيود الوكالات الدولية. وكما أن السلطة الفلسطينية قد تتقدم لمحكمة الجنايات الدولية بالشكاوى حول قادة الجيش الإسرائيلي والمستوطنين وتعرضهم بذلك لخطر الملاحقة - وإن كان من غير المرجح أن تنغمس المحكمة الدولية في الصراع الشرق الأوسطي فيما العالم يشهد جرائم أخطر ضد الإنسانية تزهق فيها الأرواح بالآلاف- فإن إسرائيل نفسها تستطيع التوجه إلى المحكمة لإدانة إطلاق الصواريخ من غزة، ليخلص الكاتبان في النهاية إلى أنه يتعين على إسرائيل دعم التوجه الفلسطيني نحو الأمم المتحدة وعدم التوجس منه.
روسيا وفلسطين
اعتبر الكاتب «سيفر بلوكر» في مقاله خلال الأسبوع الماضي بصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن مواقف القيادة الفلسطينية الأخيرة الرافضة لتمديد المفاوضات قد تؤشر إلى تحول جديد في تحالفاتها، باقترابها أكثر من روسيا الصاعدة من جديد، فعلى رغم اعتماد الفلسطينيين على الوساطة الأميركية، إلا أنه يبدو أن ذلك في طريقه للتغير حسب الكاتب، فرغم التحذيرات الأميركية بعدم وقف المفاوضات قرر الفلسطينيون تجميدها حتى هذه اللحظة ما لم تستجب إسرائيل لمطالبهم، وهو موقف، يقول الكاتب، فاجأ الحكومة الإسرائيلية التي اعتقدت أن تهديدات الفلسطينيين ليست سوى محاولة لتحسين موقفهم التفاوضي، إلى أن أعلن الرئيس محمود عباس التوجه إلى الأمم المتحدة. وهذه الجرأة جعلت الكاتب يتساءل عن سببها، ولاسيما أن العواقب على الاقتصاد الفلسطيني في حال أوقفت الولايات المتحدة مساعداتها الاقتصادية ستكون وخيمة. ولكن عندما يقرأ الكاتب الوضع الروسي في أوروبا الشرقية وتصاعد نفوذ موسكو في السنوات الأخيرة، ورغبتها في استعادة مجدها، يربط بين ما يجري على ساحتها من تطورات وبين المواقف الفلسطينية، فربما أن الفلسطينيين ما عادوا محصورين في الخيار الأميركي الذي رعى عملية السلام طيلة عقود، كما أن روسيا قد تفكر هي أيضاً في العودة إلى الشرق الأوسط عبر البوابة الفلسطينية، وفي هذه الحالة ستجد السلطة الفلسطينية في روسيا راعياً جديداً وداعماً مالياً قد يتجاوز ما تقدمه أميركا.
إعداد: زهير الكساب