إذا كان السياسيون الإسرائيليون يتباهون بالديمقراطية الإسرائيلية وينعون على مجتمعات العالم الثالث تعرضها للانقلابات العسكرية، فإن بعض الأدباء يصوبون نحو هذا التباهي في مقتل. فإحدى الروايات العبرية التي حللتها رسالة دكتوراه جرت مناقشتها مؤخراً في كلية آداب جامعة عين شمس حول أدب الخيال الإسرائيلي، هي رواية للأديب الإسرائيلي عاموس كينان وهو من الأدباء المنفتحين على أفكار الحداثة والتقدم من ناحية وعلى تيار الاعتدال الديني الرافض لتطرف المتدينين اليهود المتزمتين من ناحية ثانية وهو أيضاً أديب يتسم بضمير إنساني يجعله خصماً للتيار اليميني الإسرائيلي المتطرف الذي يتخذ مواقف عنصرية ضد عرب 1948. إن الأديب المذكور يطلق العنان لخياله السياسي في رواية «الطريق إلى عين حارود» فيكتب عملا أدبياً يتوقع فيه قيام قوى اليمين الإسرائيلي بانقلاب عسكري يطيح بالديمقراطية وبالمعارضين السياسيين وبالعرب على حد سواء. يلخص طالب الدكتوراه خطوط هذه الرواية على النحو التالي: أ- يبين دلالة مكان عين حارود باعتباره موقعاً في فلسطين يلجأ إليه المعارضون السياسيون الذين تعرضوا للتنكيل على أيدي قوات الانقلاب العسكري اليميني الذي توقعه الأديب في الرواية. ب- تدور الرواية حول بطل اسمه رافي وتحكي عن رحلة هروبه من القوات الانقلابية التي تطارده فيخرج من تل أبيب متوجهاً إلى عين حارود التي لم تقع في أيدي قوات الانقلاب. ج- تكشف الرحلة عن الفظائع التي ارتكبها الانقلاب اليميني ليس فقط ضد المعارضين اليهود بل أيضاً ضد عرب 1948، ويقرر الأديب أن قوات اليمين قامت بطرد جميع العرب من فلسطين، وهو هنا يقرأ نوايا قوى اليمين الحقيقية تجاه العرب. د- يظل رافي أثناء رحلة الهرب وحيداً ويتمنى لو يقابل أحد العرب الذين يعرفون جغرافياً فلسطين جيداً، وهنا يضحك ساخراً من نفسه، حيث إنه قام بالمشاركة في طرد العرب في حروب سابقة، بينما هو الآن في أشد الحاجة إليهم للنجاة من تطرف اليمين الانقلابي اليهودي الذي يقتل المعارضين والعرب على حد سواء. هـ- تظهر شخصية العربي في الرواية ممثلة في محمود الذي تطارده هو الآخر قوات اليمين فيتفق مع رافي على التعاون في مواجهة العدو المشترك ليدله على طريق عين حارود ويتعرضان لمخاطر إطلاق النار من جنود الانقلابيين إلى أن يتعرض محمود لمصير الإعدام ويقبع رافي في سجن الانقلاب اليميني. إن هذه الرواية تمثل صيحة إنذار وتحذير من الروائي عاموس كينان تنبه الجماهير الإسرائيلية لمخاطر سيطرة اليمين على الدولة وتضع الإنذار في صورة نبوءة بانقلاب عسكري دموي وحشي. ترى هل تصدق نبوءة الأديب ويحطم اليمين قواعد الديمقراطية في إسرائيل؟