الصحافة الأميركية
مستقبل غائم في أوكرانيا... والأزمة السورية تبحث عن حل
أوكرانيا تواجه مستقبلاً غامضاً، وسوريا بعد فشل مفاوضات جنيف، والتجاوزات الحقوقية بكوريا الشمالية، وتحذيرات من استخدام العنف ضد متظاهري فنزويلا... أهم المواضيع التي تناولتها الصحافة الأميركية هذا الأسبوع.
مستقبل أوكرانيا الغامض
دعت صحيفة «نيويورك تايمز» في افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي الغرب إلى عدم الانجرار وراء مشاعر الشماتة والاحتفال بنصر سابق لأوانه في أوكرانيا على حساب روسيا، فالوضع، تقول الصحيفة، لم يستقر بعد وما زال مفتوحاً على كل الاحتمالات، إذ رغم الإطاحة بالرئيس يانوكوفيتش الذي وقف حجر عثرة في وجه تطلعات المعارضة، تبقى الحقيقة الأساسية أن أوكرانيا بلد منقسم بشدة على نفسه، وأنه يعيش مشاكل كبيرة يتعين التعامل معها بحصافة، يضاف إلى ذلك أن عزل الرئيس على يد المعارضة فسح المجال أمام تنامي الدعوات القومية التي قد تتحول إلى عنف إذ لم يتم كبحها، وفيما يبدو البرلمان الجديد الذي تهيمن عليه المعارضة منهمكاً في سن قوانين، لا بد من الاعتراف بأن أوكرانيا بلد يعيش على حافة الإفلاس وبأن روسيا التي ربما تسعى إلى الانتقام إذا لم يحسن الغرب تهدئة مخاوفها قد تلجأ إلى إغلاق الحدود، أو رفع أسعار الغاز، لذا تؤكد الصحيفة أن الوقت لم يأتِ بعد لرفع راية النصر والتلويح بالتصعيد من قبل الغرب، بل هو وقت لتأكيد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التزامهما أمام الأوكرانيين، لا سيما المناطق الشرقية الموالية لروسيا، وطمأنتهم بأنهم سيستفيدون من مساعدات مالية مهمة إن هم تمكنوا من تشكيل حكومة وحدة وطنية توافق على حزمة الإصلاحات الضرورية، كما يتعين على القوى الغربية، تقول الصحيفة، إشراك روسيا في كل ما يتعلق بالوضع الأوكراني، وعدم التسرع بإقصائها وتأجيج مخاوفها وذلك لضمان عدم تخريبها المرحلة الانتقالية الدقيقة التي تمر بها البلاد على أن تعترف بميول العديد من الأوكرانيين نحو أوروبا، فمفتاح النجاح في أوكرانيا توضح الصحيفة هو إقناع الأوكرانيين والروس أنهم ليسوا إزاء معادلة صفرية تخيرهم بين الغرب، أو روسيا، بل يمكنهم الجمع بين القيم الديمقراطية الغربية وبين المشتركات اللغوية والتاريخية التي تربطهم بروسيا.
الخيارات السورية
في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي تناولت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأزمة السورية المستفحلة على ضوء فشل الجولة الثانية لمفاوضات جنيف- 2، وهو الفشل الذي تقول الصحيفة لم يكن مستغرباً بالنظر إلى تعقيدات الوضع السوري وتعنت النظام في الوصول إلى حل سياسي ينطوي بالضرورة على حكومة انتقالية بصلاحيات واسعة، لكن إخفاق المسار الدبلوماسي أعاد إلى الواجهة مسألة التحرك الأميركي المفتوح على كل الاحتمالات، لا سيما في ظل تصريح البيت الأبيض الذي جاء فيه أن الرئيس أوباما ينظر في «مجموعة من الخيارات والوسائل السياسية»، فهل يعني ذلك أن الولايات المتحدة مستعدة للتدخل العسكري؟ ترى الصحيفة أن الأمر مستبعد، بل غير مطلوب، ذلك أن استخدام القوة لحل الأزمة السورية سيؤدي إلى مزيد من التعقيدات وقد يفاقم المعاناة الإنسانية للشعب السوري، تلك المعاناة، تقول الصحيفة، يُفترض بها أن تكون كافية لوحدها لحث المجتمع الدولي على التدخل، لا سيما في ظل الكلفة البشرية العالية للصراع، حيث قتل ما لا يقل عن 100 ألف سوري، ولجوء أكثر من مليوني سوري إلى خارج البلد ونزوح حوالي 4.5 مليون داخلياً، بالإضافة إلى استمرار قصف المدنيين وسقوط الضحايا، كما أن المدافعين عن التدخل يسوقون مثال ألبانيا في العام 2009 عندما قرر حلف شمال الأطلسي قصف قوات سلوبودان ميلوسيفتش، لكن الصحيفة ترى بأن قصف سوريا سيكون أصعب من قصف يوغوسلافيا، وحتى دعوات البعض بفرض منطقة لحظر الطيران على سوريا، أو تأمين ممرات آمنة داخلها سيعني بالضرورة ضرب دفاعات نظام الأسد والانجرار بالتالي إلى حرب قد تمتد طويلا، ليبقى الحل، حسب الصحيفة، هو مواصلة العمل الدبلوماسي وإقناع روسيا بدعم قرار لمجلس الأمن الدولي يسمح بإدخال المساعدات الغذائية والطبية إلى سوريا.
جرائم ضد الإنسانية
بهذا العنوان استهلت صحيفة «شيكاغو تريبيون» افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي متسائلة عما سيفعله العالم اليوم بعد أن تكشف حجم المأساة التي يعيشها الشعب الكوري الشمالي على إثر التقرير الأممي الذي يوثق تجاوزات خطيرة وانتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان، فلطالما تدفقت المساعدات الغربية على بيونج يانج وجرت مفاوضات على أمل أن يفكك النظام مفاعلاته النووية، لكن بدون جدوى، بل استطاع النظام في كل مرة خداع المجتمع الدولي بسبب الدعم الصيني المستمر، لكن اليوم وفي ظل التقرير الأممي الجديد الذي اعتمد على شهادات حية، تتساءل الصحيفة هل سيبقى المجتمع الدولي مكتوف الأيدي بدعوى أنه لا يعرف ما يجري في بلد يطوق نفسه بجدار سميك من السرية؟ تقول الصحيفة، لم يعد هناك ما يبرر سكوت المجتمع الدولي بعد الجرائم التي وثقها التقرير والتي تتوزع بين الاستئصال والقتل والاستبعاد والتعذيب والاغتصاب والإجهاض القسري، بل إن الصحيفة تستشهد بمقاطع عريضة من التقرير الأممي، وتحديداً توصية التقرير بإحالة كيم يونج أون إلى محكمة الجنايات الدولية لمساءلته على الجرائم التي تصفها الأمم المتحدة بأنها ضد الإنسانية، هذه الإحالة مع الأسف لن يكتب لها النجاح لإنها تستدعي صدور قرار بشأنها من مجلس الأمن الدولي، وهو ما لن تسمح به الصين، رغم الجرائم الخطيرة التي يرتكبها النظام والتي قال عنها التقرير الأممي بأن «خطورتها ونطاقها وطبيعتها لم يشهد لها العالم المعاصر مثيلا».
مظاهرات فنزويلا
انتقدت «كريستيان سيانس مونيتور» في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي القمع الذي تواجه به السلطات الفنزويلية المتظاهرين الذين خرجوا بالآلاف في شوارع العاصمة كراكاس احتجاجاً على السياسات الاقتصادية والأمنية التي تنتهجها حكومة «نيكولاس مادورو»، وتدعو الصحيفة في هذا السياق إلى الاعتبار من التجربة الأوكرانية التي رفضت فيها الشرطة الاستمرار في مواجهة المتظاهرين لتنهار السلطة، ولعل ما يفاقم من الوضع في فنزويلا أن مادورو الذي ورث الرئاسة من هوجو شافيز، رغم فوزه في الانتخابات، ليس بقوة معلمه، ما جعله يندفع نحو القوة متناسياً أن الجزء الكبير من المتظاهرين ينتمون إلى الطبقة الوسطى الفنزويلية التي تضررت من سياساته الاشتراكية، لا سيما غياب المواد الأساسية في الأسواق وتصاعد معدلات الجريمة إلى مستويات غير مسبوقة والزيادة الكبيرة في الأسعار، ومع أن الرئيس ما زال يحظى بدعم قوي من الطبقات الفقيرة، إلا أن الصحيفة تحذر من فقدانه الشرعية، تحذيرات تقول الصحيفة أطلقتها أكثر من جهة كان في مقدمتها الولايات المتحدة التي دعا فيها الرئيس أوباما إلى ضبط النفس وعدم استخدام العنف ضد المتظاهرين، فيما نبهت الدول المجاورة إلى خطورة ما تشهده فنزويلا، بل حتى منظمة «هيومان رايتس ووتش» أشارت إلى العنف الممارس في شوارع كراكاس وحذرت من تداعياته الحقوقية، لكن التحذيرات لم تقنع مادورو على ما يبدو للدخول في حوار جاد مع المعارضة، حيث اكتفى بالتضييق على وسائل الإعلام ومنع وصول أشرطة فيديو توثق العنف إلى الخارج، متناسياً أن وسائل التواصل الاجتماعي كفيلة بكشف المستور وفضح التجاوزات ضد المحتجين والمعارضة.
إعداد: زهير الكساب