الحكومة الذكية في دولة الإمارات
تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الأكثر إقداماً على الأخذ بمستجدات العصر، وما ينتجه قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمي من تطبيقات وأدوات حديثة، يمكن استخدامها في تطوير طرق وأساليب العمل في المؤسسات الحكومية، والنهوض بكفاءة وجودة الخدمات وتسهيل طرق الحصول عليها بالنسبة للمواطنين، الذين هم الهدف والغاية النهائية لأي عمل حكومي أو تنموي، وبعد أن كانت دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول السباقة في اعتماد نموذج الحكومة الإلكترونية وحققت تقدماً كبيراً في ذلك، فهي الآن تعد من أوائل الدول الساعية إلى التحول إلى «الحكومة الذكية»، وهي تحتل المرتبة الثالثة عالمياً، في مؤشر «استخدام الخدمات الحكومية الرقمية»، الصادر مؤخراً عن مؤسسة «أستنشر» الأميركية، الذي يقيّم مستوى هذه الخدمات وجودتها في الدول المعنية وفقاً لمعايير ثلاثة، وهي: تجربة تقديم الخدمات للمواطن، ورضا المواطن عن هذه الخدمات، ومدى توافر الخدمات ونضجها، ولم يسبقها في التصنيف الدولي، وفقاً لهذه المعايير، سوى دولتين هما: سنغافورة والنرويج.
إن مرحلة «الحكومة الذكية»، أو مرحلة «ما بعد الحكومة الإلكترونية»، التي تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على التحول إليها في الوقت الراهن، هي مرحلة جديدة من مراحل التطور والتقدم في أداء الحكومات، تمثل تغيراً نوعياً في نمط عمل الحكومات، فرغم أن مرحلة الحكومة الإلكترونية أحدثت نقلة كبيرة في الخدمات الحكومية، فحولتها من النمط التقليدي إلى النمط الإلكتروني، وذلك على الجانبين، سواء تعلق الأمر بجانب تقديم الخدمة، أو بجانب تلقّي الخدمة، فعلى جانب تقديم الخدمة تغيَّر نمط العمل من العمل الورقي والروتيني داخل المؤسسات الحكومية إلى نمط العمل غير الورقي والآلي، فقلصت من الوقت والجهد ومن فرص حدوث الأخطاء البشرية، ووفرت كذلك من التكلفة. وعلى جانب متلقي الخدمة، فعبد أن كان متلقي الخدمة ملزماً بالانتقال المادي إلى مقر المؤسسات الحكومية فيما مضى، فقد أصبح بمقدوره الوصول إلى الخدمة التي يريدها من خلال أجهزة الحاسوب المتصلة بالإنترنت، فوفر الكثير من الوقت والجهد والمال.
لكن رغم ما أحدثته الحكومة الإلكترونية من تطور في نمط عمل الحكومات وكذلك في كفاءة خدماتها، وفي مستوى معيشة السكان حول العالم، فقد ظلت الخدمات الحكومية في ظلها تعاني بعضاً من أوجه الضعف، فظلت دائرة المنتفعين منها محدودة نظراً إلى أن إمكانية الوصول إليها ظلت قاصرة على من لديهم القدرة على استخدام الحواسب الآلية، وهي قدرة ليست متوافرة للجميع، وخصوصاً غير المتعلمين، والوصول إلى خدمات الحكومة الإلكترونية أيضاً ظل مقصوراً على من يمتلكون حواسب آلية مرتبطة بالإنترنت، وقد يتعذر ذلك بالنسبة لبعض الفئات وبخاصة غير القادرين مادياً، بجانب ذلك يظل تقديم خدمات الحكومة الإلكترونية ذا تكلفة مرتفعة نسبياً، في ظل ضرورة توافر بنى تحتية خاصة بها.
مرحلة الحكومة الذكية وعزم دولة الإمارات العربية المتحدة على الانتقال إليها، كما اتضح من خلال المبادرات العديدة التي أطلقتها، وكما عبّر المسؤولون المشاركون في القمة الحكومية الثانية، التي عُقِدت مؤخراً في مدينة دبي، ستمثل نقلة نوعية كبيرة في مجال تقديم الخدمات الحكومية في الدولة، ستتغلب من خلالها على معظم التحديات السابقة، وستنقل المجتمع الإماراتي إلى مرحلة جديدة من التنمية والازدهار.
ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.