ربما كلفت ألعاب سوتشي الشتوية سبعة أضعاف ما كلفته ألعاب فانكوفر التي نُظمت قبل أربع سنوات، ولكنها أخذت تحقق هدف بوتين، حيث تَوحد الروسُ في طفرة قوية للشعور القومي شمل حتى بعضاً من أشرس خصومه. والواقع أن التشكيك في الجهد الضخم قبل بدء الألعاب كان منتشراً على نطاق واسع، حيث قام العديد من الروس بإعادة نشر تعليقات منتقِدة لصحفيين غربيين على عدم جاهزية سوتشي، غير أن التيار سرعان ما بدأ ينقلب مع افتتاح الألعاب. حفل الافتتاح المبهر في السابع من فبراير شكَّل لحظة نصر بوتين الحاسمة. وبشكل عام، نُفذ الحفل، الذي دام 150 دقيقة، على نحو رائع، وقد أنتجه فريقٌ دولي شمل عدداً من محترفي «سيرك دي سولاي» وعضوين على الأقل من الفريق الذي اشتغل على افتتاح ألعاب لندن في 2012. «لقد كان افتتاحاً جميلا! أحسنتم!»، هكذا كتب بوريس نيمتسوف على فيسبوك، وهو خصم لبوتين أصدر مؤخراً تقريراً حول فساد سوتشي. رأيٌ شاطره المدون «رستم أداجاموف»، وهو شخصية أخرى مشهورة معارضة لبوتين إذ قال: «لقد كان جميلاً على نحو مذهل وخيالي! إنني لا أعرف كيف أنتقي صوراً حول الحفل من أجل تقرير صحفي. إن الصورة لن تنصفه». وبالطبع كانت هناك أصوات معارِضة؛ حيث وصف عمدة موسكو السابق «يوري لوجكوف» الحفل بأنه سرقة من حفل افتتاح ألعاب لندن 2012. غير أن الانتقادات اضمحلت وتلاشت وسط الأصوات المشيدة والمهنِّئة. وفي هذا الإطار، كتب إيجور كوليشيك على مدونته على الإنترنت: «منذ لحظة حفل الافتتاح المتفرد والمفعم بالألوان بدا البلد كله مختلفاً وموحَّداً». وأضاف قائلًا: «إن معظم مواطني يشعرون كما لو أننا على موجة شعور قومي برغبتنا. ولأول مرة منذ سنوات، أخذنا نقول بدون استهزاء أو سخرية، وإنما بفخر واعتزاز: إننا روسيا، وهذا بلدنا». والواقع أن معظم الروس ينظرون إلى أولمبياد سوتشي باعتباره نجاحاً كبيراً ليس لبوتين فحسب، وإنما للبلاد برمتها. ومع النتائج الجيدة التي حققها الرياضيون المحليون في الأيام الأولى من التنافس وحصول رياضيين روس على الذهب في رياضة التزلج الفني، فإن الشعور الوطني لن يزداد إلا قوة خلال الأيام المقبلة. ولكن السؤال هو لِكم من الوقت ستدوم هذه المشاعر القومية بعد انتهاء الأولمبياد؟ والأكيد أن خمسين مليار دولار مبلغ كاف من المال للحرص على ألا تتبخر الذكريات بسرعة. وإذا كان الكثير من الروس مازالوا يتذكرون مشاعر الفخر والحماسة التي انتابتهم خلال أولمبياد موسكو 1980، رغم أن الألعاب قوطعت من قبل جزء كبير من العالم الغربي، فإن سوتشي ستمثل ذكرى أكثر إشراقاً. ولكن الصداع هو النتيجة الحتمية لأي حفلة جيدة، سيأتي في النهاية، وخاصة مع ركود الاقتصاد الروسي وتمرير البرلمان لقوانين غير ليبرالية على نحو متزايد. غير أنه في الوقت الراهن، تبدو الحفلة في أَوْجها والشعور رائع! ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ليونيد برشيدسكي محلل سياسي متخصص في الشأن الروسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»