الصحافة الأميركية
اتصالات سرية بين كرزاي و«طالبان»... وحرب على المناهج في كاليفورنيا
هل ثمة جدوى من مفاوضات سرية في كابول بين كرزاي و«طالبان»؟ وما مدى أهمية القواعد الأميركية في أفغانستان؟ وكيف يتوقع البعض مسار أولمبياد سوتشي؟ ولماذا يدور سجال في بعض الولايات حول المقررات التعليمية؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية.
تحت عنوان «كرزاي رتب اتصالات سرية مع طالبان»، سلط «عظيم أحمد» و«ماثيو روزينبيرج» الضوء في تقريرهما المنشور يوم أمس في «نيويورك تايمز» على الحالة التي وصلت إليها علاقات كرزاي بالولايات المتحدة، فالأول انخرط في محادثات سرية مع «طالبان»من أجل إبرام اتفاق سلام من دون انخراط الولايات المتحدة أو حلفاء غربيين لكابول، ما يفاقم التوتر الحاصل أصلاً بين واشنطن والرئيس الأفغاني. المحادثات السرية تساعد في تفسير سلسلة من الأفعال التي اتخذها كرزاي واستعدى من خلالها واشنطن وحلفاءها الغربيين. وخلال الأسابيع الأخيرة، واصل كرزاي رفضه التوقيع على اتفاقية أمنية طويلة الأمد مع واشنطن، وأصر على إطلاق سراح عناصر متشددة من حركة «طالبان»، ووزع صوراً لما يقول إنها دليل على جرائم حرب ارتكبتها القوات الأميركية. ويتوقع التقرير أن هذه المحادثات ستكون لها نتائج محدودة، لكنها ستساهم في تآكل ما تبقى من ثقة بين واشنطن وكرزاي، ما يفاقم من خطر النهاية الفوضوية للصراع الأفغاني. دعم الكونجرس للمجهود الحربي الأميركي في أفغانستان، يتراجع بسرعة شديدة. والمسؤولون الأميركيون يقولون إنهم غير متأكدين ما إذا كان بمقدورهم الإبقاء على الحد الأدنى من التعاون الأمني سواء مع حكومة كرزاي أو الحكومة التي ستأتي بعدها. كرزاي رفض التوقيع على الاتفاق الأمني الذي كان سيمهد الطريق للقوات الأميركية كي تبقى بغرض التدريب ومكافحة الإرهاب بعد انتهاء المدة المحددة لوجودها في البلاد، أي في نهاية العام الجاري. ما جعل الرئيس الأميركي يلمح لكبار قادته العسكريين بالتفكير في مستقبل المهمة العسكرية في أفغانستان. ونوّه التقرير إلى أن فكرة التواصل بين كرزاي و«طالبان» جاءت بعد مبادرة من الأخيرة في نوفمبر الماضي، آنذاك تفاقمت حالة عدم الثقة بين كرزاي وحلفائه.
الرئيس الأفغاني يبدو أنه قفز إلى بند يعتقد أن لديه فرصة لتحقيق ما لم يستطع الأميركيون تحقيقه، لكن الاتصال بـ«طالبان» لن تتمخض عنه نتيجة ملموسة، ومن غير الواضح ما إذا كانت «طالبان» جادة في المفاوضات، أم أنها تسعى لإفساد الاتفاق الأمني وصرف اهتمام كرزاي عنه. ويبدو أن قرار بقاء القوات الأميركية في أفغانستان بعد 2014، وحصول البلاد على مساعدات أميركية بمليارات الدولار يتوقف فقط على توقيع كرزاي على الاتفاق الأمني بين بلاده وواشنطن، علماً بأن اللوياجيركا وافقت عليه.
التقرير أشار إلى وجود اتصالات غير رسمية بين المسؤولين الأفغان وقادة «طالبان» منذ الأيام الأولى للحرب ضد الحركة، لكن الأخيرة سعت لجعل نواياها الحقيقية عصية على الانكشاف، كما أن المسؤولين الأفغان ناضلوا من أجل العثور على ممثلين حقيقيين للحركة، أو قيادات للعناصر المسلحة التابعة لها والمقربة من الملا عمر ودائرته الداخلية. وقنوات الاتصال التي تم فتحها بين الحكومة الأفغانية والحركة كانت بوساطة دبلوماسيين أميركيين وألمان.
أهمية التواجد في أفغانستان
وفي الموضوع ذاته، وتحت عنوان «حليفنا الذي لا يُطاق في كابول»، نشرت «بلتيمو صن» يوم الجمعة الماضي افتتاحية استهلتها بالقول إن توبيخ الرئيس الأفغاني لقوات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وتحميلها المسؤولية عن سقوط ضحايا من المدنيين، أثار استياء المسؤولين الأميركيين ودفع بعض أعضاء الكونجرس إلى التهديد بإجراء استقطاعات كبيرة من المساعدات العسكرية والتنموية لهذا البلد الذي يعاني من فقر مدقع. لكن لدى واشنطن مصلحة في منع أفغانستان من الانزلاق مرة أخرى نحو الفوضى، ويتعين على الرئيس الأميركي وضع هذه المصلحة في اعتباره حتى ولو كان يخطط لخروج كرزاي من السلطة.
وترى الصحيفة أنه ينبغي على الولايات المتحدة تفعيل دبلوماسيتها وصبرها كي لا تخرج العلاقات بين واشنطن وكابول عن مسارها الطبيعي، وذلك لسبب واحد ألا وهو أن البنتاجون بحاجة إلى اتفاق مع أفغانستان بمقتضاه يتسنى لعدة آلاف من الجنود الأميركيين والتابعين لقوات حلف شمال الأطلسي، تدريب العناصر الأمنية الأفغانية على عمليات مكافحة الإرهاب، وذلك عقب انسحاب القوات الدولية من البلاد. لكن كرزاي يرفض إلى الآن تمرير هذا الاتفاق، الأمر الذي صعدت معه احتمالات مفادها أن كرزاي سيترك بمفرده في ديسمبر المقبل في مواجهة «طالبان» متخلياً عن مكاسب أحرزتها أميركا وحلفاؤها خلال عقد من الزمان. والأهم من ذلك أن الانسحاب الأميركي الكامل من أفغانستان سيسفر عن خسائر تطال القواعد الأميركية في هذا البلد التي من خلالها تستطيع وزارة الدفاع الأميركية ووكالة الاستخبارات المركزية تسيير طائرات من دون طيار ضد متمردين إسلاميين متمركزين على الحدود الباكستانية الأفغانية. وخسارة هذه القواعد لن تضر فقط بقدرات الولايات المتحدة على ملاحقة ومهاجمة عناصر من تنظيم «القاعدة» والعناصر المتطرفة في المناطق الحدودية العصية على الاختراق، وفي الوقت ذاته سيجعل من الصعب مراقبة الترسانة النووية الباكستانية والحيلولة دون سرقة الأسلحة النووية أو وصولها لعناصر إرهابية. وهذا هو الذي يزيد من خطر العلاقات المتوترة بين واشنطن وكرزاي.
«بوتين يخسر سوتشي»
تحت عنوان «بوتين يخسر سوتشي»، نشرت «واشنطن بوست» يوم الأحد الماضي مقالاً لجاكسون ديل، رأى خلاله أن الأسبوع المقبل الذي سيشهد انطلاق أولمبياد الألعاب الشتوية في مدينة سوتشي الروسية يفترض أن يعيد الرئيس الروسي تقديم بلاده إلى العالم، كبلد واثق ينمو اقتصادياً ولديه نفوذ على أوروبا الشرقية والشرق الأوسط، أو أن يبث رسالة مفادها أن بلاده تعود مجدداً إلى الواجهة، وقادرة على التصدي للولايات المتحدة وقادرة بواسطة بوتين على طرح «نمط جديد محافظ» متحرر من وهم الليبرالية الغربية. لكن الكاتب يرى أن الأمور لن تسير على هذا النحو، متوقعاً أن الجمعة المقبلة ستصبح على الأرجح منتدى للتظاهر حول كيفية فشل نظام حكم بوتين في روسيا، وكيف أن سلطته انحسرت داخلياً وخارجياً. الرئيس الروسي صرح خلال الآونة الأخيرة بأنه يرغب في قيام الصحفيين ومشجعي الألعاب الشتوية واللاعبين المشاركين في هذه الفعالية الرياضية وجميع من سيشاهدونها عبر التلفزيون برؤية روسيا الجديدة والاطلاع على قدراتها. الكاتب يرى أن ثمة أموراً أخرى وراء هذا الأولمبياد مثل خطاب الكراهية الذي وجهه بوتين للمثليين وظاهرة «الأرامل السود» و عناصر إرهابية أخرى قد تطال الأولمبياد.
سياسات المقررات
فأول أمس الاثنين، وتحت عنوان «سياسات المقررات»، نشرت «واشنطن بوست» افتتاحية، رأت خلالها أن اللوبي «الأرميني» في كاليفورنيا احتفل بتمرير قرار في مجلس نواب الولاية يلزم وزارة التعليم بالتأكيد على وقوع مجازر ضد الأرمن في مناهجها التعليمية. وضمن هذا الإطار بثت «الجمعية الوطنية الأرمينية في أميركا»، رسالة إلكترونية تنص على أنه رغم ضغوطات مكثفة من اللوبي التركي ربحنا المعركة الدائرة حول الحقيقة والعدالة. على صعيد آخر، يسعى بعض المشرعين في الولاية إلى إصدار قرار يلزم وزارة التعليم بشراء مقررات دراسية لا تتضمن عبارة «بحر اليابان» لأن كثيراً من الكوريين يسمونه «بحر الشرق». تيري ماكفي الحاكم الجديد لولاية فرجينيا وجد نفسه في ورطة لأنه وعد أثناء حملة ترشحه بتفعيل هذا التغيير، لكنه وجد أن اليابان التي لديها استثمارات ضخمة في الولاية لن تكون مرتاحة لهذه الخطوة. السجال المشار إليه يطرح تصوراً يتمثل في أن برلمانات الولايات ليس المكان الأفضل لكتابة مناهج التاريخ لطلبة الثانوية العامة. وتتفهم الصحيفة أن النظام التعليمي عليه الاستجابة لمطالب دافعي الضرائب، وتدريس مقررات التاريخ يجب أن تستند وتقوم على أفضل الصياغات والتصورات التي انتجها المؤرخون، وليس البرلمانيون، وليس على أساس حقيقة أن الكوريين في فرجينيا أكثر عدداً من اليابانيين، أو الأرمن في كاليفورنيا أكثر عدداً من الأتراك. وحسب الصحيفة ليس هناك من يشكك في أهمية تدريس مذبحة الأرمن التي بدأت عام 1915، وتعتقد الصحيفة إنه من المهم للأميركيين الاستفادة من مطالعة التاريخ الاستعماري لليابان في آسيا، لكن الأمر المشكوك فيه أن المسؤولين المنتخبين ينبغي أن تكون لديهم يد في رسم الخرائط في المناهج التعليمية أو صيغة دروس وخطط تعليمية تتعلق بالمناخ والاحتباس الحراري وأرمينيا والبحر الفاصل بين كوريا واليابان.
إعداد: طه حسيب