ها نحن ذا مرة أخرى، مع 12 قتيلاً في حادث إطلاق النار بمقر البحرية الأميركية بواشنطن، إلى جانب جثة مرتكب الحادث. بداية، لدينا عدد كبير من البنادق. وقد أشار بيان صدر مؤخراً لمجلس العلاقات الخارجية أن الولايات المتحدة التي تضم أقل من 5 بالمئة من سكان العالم لديها حوالي 35 – 50 بالمئة من الأسلحة التي يمتلكها مدنيون.«قد تتخيل أن سوريا والعراق وأفغانستان وجمهورية الكونجو أو غيرها من الأمم التي مزقتها الصراعات تحتل مكان الصدارة بالنسبة لسباق البنادق التي يمتلكها كل فرد، ولكننا نحن الذين نحتل المركز الأول. يمكنك القول إن البنادق لا تقتل الناس، ولكن العكس صحيح. وإذا كانت الأسلحة لا تقتل الناس من تلقاء نفسها، لكنها بالتأكيد تسهل مهمة قتل الناس بعضهم بعضا. بمقارنة حالات القتل التي وقعت بين أفراد القوات الأميركية في العراق وأفغانستان نتيجة للإرهاب العالمي وجرائم القتل بالأسلحة النارية التي وقعت بين الأطفال والشباب الأميركيين نجد أن أميركا فقدت منذ عام 2003 عدداً من الفتيان في عمر الـ19 عاماً وما دونه في جرائم قتل بالسلاح الناري ضعف عدد الجنود والمواطنين الذين فقدتهم في الحربين معاً بالإضافة إلى جرائم الإرهاب العالمي. وخلال الفترة بين عامي 2003 و 2010، مات 7027 أميركياً في العراق وأفغانستان نتيجة الهجمات الإرهابية، بينما كان عدد الأميركيين الذين قتلوا بواسطة البنادق في الولايات المتحدة حوالى 247131 أميركياً أى بما يزيد على 35 ضعف قتلى الأسلحة النارية. ولم تتوافر بعد بيانات مؤكدة بالنسبة للسنوات التي تلت 2010، ولكن إذا استمرت الاتجاهات على هذا المنوال، فإن حالات القتل بالسلاح الناري التي وقعت في الولايات المتحدة منذ مارس 2011 ستقارب عدد الوفيات التي خلفتها الحرب الأهلية الدموية في سوريا. والمغزى من هذه البيانات بالنسبة لحالات الأمن القومى كافة هو: إذا كنت مهتماً بإنقاذ حياة المواطنين الأميركيين، فيجدر بك أن تبدأ بالسيطرة على السلاح. إن قوانين السيطرة على حمل السلاح المعمول بها حالياً في الولايات المتحدة هي قوانين رديئة وغير ملائمة، خاصة عند مقارنتها بالقوانين المماثلة في الدول الأخرى. فهذه الدول التي يقل بها عدد البنادق وعدد الوفيات نتيجة إطلاق الرصاص، لديها قوانين للسيطرة على حمل السلاح أكثر صرامة من تلك المعمول بها في الولايات المتحدة. يرجع السبب في ذلك إلى التعديل الثاني الذي يمنح الأميركيين حقاً دستورياً لحمل السلاح. إنني ألقي باللوم على الدستور الأميركى وتقديسنا الغريب لهذا النص العتيق. يمضي الأميركيون وقتاً طويلاً في مناقشة أفضل السبل لتفسير التعديل الثاني للدستور، ولكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن نسأله هو: لماذا نحن متمسكون بهذه القطعة من الورق التي يبلغ عمرها 226 عاماً؟ لدينا الآن بحثاً لائقاً للعلوم الاجتماعية حول إيجابيات وسلبيات أنظمة التصويت والأنظمة القضائية المختلفة، فبإمكاننا الآن قياس وتقييم آثار الأنظمة السياسية والقانونية المختلفة بوسائل لا تستخدم من قبل كتاب الدستور. معظم الدول الأخرى كان لديها الأسباب لتطوير دساتير جديدة خلال القرنين الماضيين، هذا السبب ببساطة يتمثل في أن الهياكل والقواعد التي كانت يوماً ما ذات مغزى، أصبحت غالباً أقل مغزى عندما تغيرت الظروف. تغيرت الظروف خلال الآونة الأخيرة، فإذا عدنا إلى الوفيات التي وقعت نتيجة لإطلاق النار من البنادق، نجد أن كاتبي الدستور كانوا من المستحيل تخيل أن تكنولوجيا الأسلحة ستصل لمثل تلك المستخدمة في نيوتاون، كونيتيكت، أو ساحة البحرية. ولكن لأن الدستور الأميركي من الصعب تغييره لدرجة تثير الدهشة، فإن الأميركيين متمسكون بقواعد حمل السلاح المعمول بها منذ أكثر من قرنين من الزمان. روزا بروكس أستاذة القانون في جامعة جورج تاون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»