من حقنا، بل ومن واجبنا، في هذه الدولة أن نحمد الله سبحانه وتعالى، ثم أن نمتن للآباء المؤسسين للاتحاد، ومن جاء بعدهم من قادة ميامين على الإنجازات المتتالية والمتراكمة التي جعلت دولة الإمارات العربية المتحدة مضرب المثل فيما حققته من تنمية بشرية واقتصادية وسياسية واجتماعية همها الأول هو رفاه المواطن ونجاحه وسعادته. ومن بين المشاعل المضيئة في هذه التجربة تبرز بشكل جلي وواضح الصورة الناصعة البياض لقضائنا النزيه العادل، ونظامنا القضائي المصمم لإحقاق الحق ومعاقبة المجرم وإشاعة العدل والأمان بين الناس. وغني عن البيان هنا أن ما نعيشه من أمن أمان واستقرار نحسد عليه كان القضاء النزيه والعادل أحد أهم الأدوات في تحقيقه. هذا التذكير بالبديهيات ضروري، ونحن نشاهد اليوم هجمة غير مسبوقة تستهدف نظامنا القضائي كجزء من استراتيجية دفاعية فاشلة وحاقدة ومهترئة يمارسها بعض من أعمت قلوبهم سكرة التنظيمات السرية وأحقاد ابن العلقمية من الذين لا يريدون للناس أن يروا إلا ما يحيكون لنا ولبلدنا من أكاذيب وافتراءات ومؤامرات على وطن احتضن جميع أبنائه وشذت منهم فئة قليلة لم يجد وطن المجد منها إلا المؤامرة والإساءة. كثيرة هي الأكاذيب والافتراءات، لكنني أريد أن أخاطب القارئ الفطن الذكي الذي لا يسمح للآخرين باستغفاله والتفكير له. وسأسأل منذ البداية: هل القضية المتوقع صدور الحكم فيها يوم 2 يوليو تتعلق بشخص سرق بضاعة من متجر وشهد عليه عشرات من رواد المركز التجاري؟ لماذا يتناسى البعض أن هذه القضية تتعلق بتنظيم سري محكم يتبع لتنظيم سري لديه خبرة تنظيمية دولية تجاوزت الثمانين عاماً، ولديه عشرات الآلاف من خبراء التنظيم والعمل السري والتآمر، هذا عدا عمن يزودونه بالنصائح والتوجيهات من جهات خفية-معلومة لا تريد لبلادنا الخير ولا السلام؟! فمثلاً، يطرح البعض بسوء نية السؤال التالي: أين الدليل المادي؟ صحيح أن هذا السؤال يتجاهل كل تلك الأدلة التي قدمتها النيابة العامة أمام هيئة المحكمة، لكنه يتجاهل أيضاً أن طبيعة القضية واختلافها يجعل أدلتها مختلفة! عندما تتهم النيابة شخصاً ما بالتآمر، حتى في قضية جنائية عادية، فما هي أدلة التآمر؟ أليس من الطبيعي هنا أن تكون عبارة عن مكالمات وأحاديث وشهادات شفوية وتبادل أموال ورسائل وما شابه ذلك. انتبهوا هنا قليلاً، فما يأتي بعد هذه الأدلة سيكون تنفيذاً عملياً لما تم التآمر عليه، ووقتها تكون الجريمة والتهمة مختلفة. لذلك تكون أدلتها مختلفة، وعندها فقط نطلب رؤية السكين الملوثة بالدم! تذكروا عماذا نتحدث: تنظيم سري، وليس محل خضراوات! وهنالك أيضاً نقطة مهمة تضيع في بحر الاتهامات الجزافية التي تشكك في منظومتنا القضائية من دون أدلة، وهذه النقطة باختصار: مهمة النيابة إثبات الإدانة، لكن مهمة إثبات البراءة هي مسؤولية محامي الدفاع. لماذا نقول ذلك، لأنه لا يجوز اليوم بعد كل هذه الجلسات التي ترافع فيها محامو الدفاع عن متهمي التنظيم السري أن يكون تبرير فشلهم في إقناع هيئة المحكمة هو إلقاء اللوم على النظام القضائي، ككل بدلاً من التدقيق على كفاءة المحامين الذين ترافعوا عنهم، هذا طبعاً على افتراض أن المحكمة ستدين هؤلاء المتهمين، وهو ما سنعرفه جميعاً يوم الثلاثاء المقبل إذا كان محامي الدفاع عاجزاً عن إثبات براءة موكليه. فهل يصبح القاضي والمحكمة في قفص الاتهام؟ لقد أدت النيابة العامة عملها وفقاً لاختصاصها القانوني، وها هي المحكمة تقوم بعملها وفقاً لاختصاصها الدستوري والقانوني والطعن في الحكم لا يكون على حسب الهوى، وإنما وفقاً لإجراءات التقاضي المتبعة والمتاحة. فإذا حصنت قرارات المحكمة، فإن هنالك أسباباً لذلك بسبب خصوصية وطبيعة القضايا التي تنظرها، وهي القضايا التي تتعلق بأمن الدولة ككل، وهذه النوعية من القضايا لا يجوز المساومة فيها ولا المهاترة بشأنها، لأنها باختصار تخص الوطن ككل! أدرك أنه لا يجوز لنا أن نتحدث باسم المحكمة، التي أثبتت أمام الجميع في جلساتها المفتوحة أمام الإعلام نزاهة القاضي فلاح الهاجري وموضوعيته. وعلينا أن نتوقف عن الاجتهادات الفردية وننتظر حكمه الذي سينطق به، ولكن بعيداً عن منطوق الحكم ومضمونه، أريد أن أذكر أنه في كل محاكمات الدنيا من يصدر عليه الحكم يدعي أنه مظلوم حتى من يقتل العشرات يصيح: بريء والله! فكيف إذا كنا نتحدث عن تنظيم سري تاجر على عباد الله سنوات عديدة بدين الله، ولم يقف عند ذلك فها هي ثقافتهم تشهد عليهم وكتاباتهم تدينهم... لا حديث لهم سوى الدماء والتفرقة والتدمير والخراب، ثم يدعون زوراً وبهتاناً أنهم دعاة إصلاح! علينا أن ندرك أن هذه الحملة التي تستهدف قضاءنا ليست منفصلة، وإنما جزء من سلسلة متواصلة تستهدف دولتنا ككل، فمن يشكك في قضائنا هدفه أبعد من قضية واحدة وقاض واحد ومحاكمة واحدة، هدفه التشكيك في الدولة ككل، ثم يأتي بجرأة ليقول لنا إنه موال للدولة وقيادتها! هذا الواقع يجب أن يعلمنا درساً مهماً، بغض النظر عن ما سينطق به القاضي يوم الثاني من يوليو، وهو أن ننظر حولنا ونتعلم الدرس البليغ مما جرى حولنا. ونرفع أكف الضراعة لرب العباد نحمده على ما أنعم علينا من أمن وأمان واستقرار وقيادات تسابق الزمن لخدمة شعبها، ثم ندعوه في خضوع وابتهال: اللهم اكفنا شر المتآمرين والدجالين! ضرار بالهول الفلاسي مدير برنامج «وطني»