إذا كان بوش الابن يقتل مواطنين أميركيين استناداً على مذكرات قانونية سرية؛ فإن الليبراليين في مجلس الشيوخ يجب أن يعقدوا جلسات استماع بخصوص هذا الأمر- هذا ما كتبه" ديك بولمن" في صحيفة "فلاديلفيا إنكوايرار"، ولكن "جو سكاربورو" الصحفي وعضو مجلس النواب الأميركي السابق يرى أنه "إذا كان بوش قد فعل ذلك، فإن الواجب كان يقتضي إيقافه". من منظور اليمين يعتبر هذا الجدل اتهاماً بالنفاق، ومن منظور "اليسار" يعتبر تعبيراً عن الرعب، أما في الواقع، فإنه مؤشر على الاستمرارية. ودفاع إدارة أوباما عن استخدام ضربات بطائرات من دون طيار ضد "القاعدة" والمجموعات المرتبطة بها بما في ذلك المواطنين الأميركيين الذين يشكلون جزءاً من تلك المجموعات، مؤسس على مفهوم معين في الدفاع عن النفس، في عصر الإرهاب. فمن وجهة نظر أوباما لا يصبح التهديد "وشيكاً عندما يركب إرهابي طائرة أو يرتدي حزاماً ناسفاً. وإنما يظهر عندما يخطط الإرهابيون، ويتدربون، ويحرضون، من أجل شن هجمات على الولايات المتحدة. والدستور الأميركي كما يرى النائب العام "إيريك هولدر" لا يتطلب من الرئيس "أن يؤجل العمل إلى حين استيفاء مرحلة نهائية نظرية من خطة ما". وفي الحقيقة أن مذكرة وزارة الدفاع الأميركية المسربة حديثاً ترى رأياً مماثلًا، حيث يرد فيها "الحالة التي يمثل فيها قائد إرهابي ما خطراً وشيكاً بشن هجوم على الولايات المتحدة، لا تتطلب من الولايات المتحدة دليلاً واضحاً على أن هجوماً معيناً على أشخاص أميركيين أو مصالح أميركية سيقع في المستقبل القريب". وقد وصفت تلك الحجة- الخاصة باستخدام ضربات الطائرات من دون طيار- بأنها ابتكار خطير في حين أنها ليست كذلك. فالطائرات التي تطير من دون طيار ابتكار في مجال ما يعرف بالدفاع التوقعي عن النفس الذي يتطلب مراقبة ورصداً وإشرافاً دقيقاً وعتبة مرتفعة للعمل، كما أنها أيضاً تقنية من أكثر التقنيات التي استخدمت في تاريخ الحروب حرصاً على ضرب الهدف بدقة وتقليل الأضرار الجانبية إلى أدنى حد. وكون هذه الطائرات تحمي القوات الأميركية من المخاطر، يمثل فضيلة في حد ذاته، كما أن استهداف المواطنين الأميركيين الذين يحاربون في صفوف العدو ليس بالأمر الجديد، ولا بالممنوع في قوانين الحرب. وهذا في الحقيقة هو لب الموضوع: فإذا كانت أميركا في حرب مستمرة ضد "القاعدة" والمجموعات المرتبطة بها، فإن قوانين الحرب يجب أن تطبق، ومنها القانون المشار إليه. فحدود اليمن والحدود الأفغانية/الباكستانية تحولت وفقاً لهذا القانون- وفي الواقع- إلى ميادين معارك، كما تحول مقاتلو "القاعدة" إلى أهداف مشروعة. وهو موقف اتخذ من قبل إدارة بوش وأوباما من بعده، ويتفق مع حق الأميركيين الأصيل في الدفاع عن النفس، كما يتفق مع التفويض الصادر عام 2001 باستخدام القوة. ------ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»