بعد قرابة عام من الدوران حول القمر، لقيت المركبتان الفضائيتان التوأم «إيب»و«فلو» التابعتان لوكالة الفضاء الأميركية «ناسا» حتفهما مثلما كان متوقعاً عندما اصطدمتا بشكل متعمد بسطح القمر. ولكن الاصطدام لم تنتج عنه ألعاب نارية في السماء، وذلك لأن حادث الاصطدام الذي حدث في وقت سابق من هذا الأسبوع على مقربة من القطب الشمالي للقمر من قبل المركبة الفضائية التي يعادل حجمها حجم آلة الغسيل لم يحُدث حفرة عميقة وواسعة، مثلما أنه لم يتسبب في تناثر الكثير من الحطام والأنقاض. وعلاوة على ذلك، فإنه لم تتسن رؤية ما حدث بسبب الظلام. وفي هذا الإطار، تقول كبيرة العلماء والمسؤولة عن المهمة ماريا زوبر من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، في معرض تعليقها على هذه العملية: «إننا لم نكن نتوقع ضوءاً قوياً أو انفجاراً كبيراً». ومع ذلك، فإن العملية شكلت نهاية عنيفة لمهمة كللت بالنجاح وأنتجت أوضح وأدق خرائط للجاذبية في أقرب جار لكوكب الأرض. هذا وكان المهندسون قاموا يوم الجمعة من الأسبوع الماضي بإطفاء الأجهزة العلمية استعداداً لساعة الصفر. والواقع أنه سبق لرحلات سابقة غير مأهولة إلى القمر أن درست حقل الجاذبية فيه، إلا أن «إيب» و«فلو» تعتبران أول مركبتين يتم تخصيصهما لهذا الهدف. ومنذ دخولهما مدار القمر خلال عطلة نهاية الأسبوع في بداية السنة، شوهدت المركبتان الفضائيتان التي تحلقان جنباً إلى جنب وهما تتجاوزان السطح الوعر نحو الداخل. في البداية، كانت المركبتان الفضائيتان تحلقان على ارتفاع 35 ميلا ( أي ما يعادل نحو 56 كيلومتراً) تقريباً فوق السطح، وبعد ذلك انخفضت إلى 14 ميلا (22 كيلومتراً). وقبل اصطدام يوم الاثنين بساعة تقريباً، تم تشغيل محركيهما إلى أن نفد الوقود تمهيداً لارتطامهما بقوة بسرعة تناهز 3800 ميل في الساعة (6115 كيلومتراً في الساعة) بهدف تم تحديده مسبقاً – وهو عبارة عن جبل يقع على مقربة من القطب الشمالي ويبعد كثيراً عن مواقع هبوط المركبة الفضائية «أبولو». «إيب» كانت الأولى التي اصطدمت بسطح القمر ثم تلتها «فلو» بعد بضعة ثوان. وعلى الرغم من أن هذه «الدراما» لم تكن مرئية من الأرض، فإن المركبة الفضائية «إل. آر. أو» التي تقوم باستطلاع القمر وتدور حوله حلقت فوق موقع الاصطدام بعد ذلك وحاولت رصدهما. وتعليقاً على هذا الحدث، قال مدير المشروع «ديفيد ليمان» من مختبر الدفع النفاث التابع لـ«ناسا»: إننا سنفتقد توأمينا القمريين، ولكن العلماء يخبرونني بأن الأمر سيستغرق سنوات من أجل تحليل كل المعطيات العظيمة التي حصلوا عليها، ولهذا جئنا إلى القمر أصلا». والجدير بالذكر في هذا الإطار أن آخر مرة قامت فيها وكالة الفضاء الأميركية باستهداف القمر كانت في عام 2009. حينئذ، تابع العالم من خلال أجهزة التلسكوب وعلى شبكة الإنترنت مركبة فضائية وصاروخها الدافع وهما يرتطمان بحفرة مظللة بشكل دائم - اصطدامان متتاليان سرعان ما تلاشيا عندما لم ير المشاهدون أكثر من وميض أبيض غير واضح. نهاية مهمة المركبتين الفضائيتين «إيب» و«فلو» شكلت أيضاً نهاية حملة طلابية استعملت الكاميرات على متن المركبتين من أجل تصوير أهداف على سطح القمر، ومن ذلك الجانب القصي من القمر. وقد تزعمت مشروع «مون-كام» شركة متخصصة في تعليم العلوم أسست من قبل سالي رايد، التي تعد أول امرأة أميركية ذهبت إلى الفضاء. والجدير بالذكر في هذا الإطار أن رايد توفيت جراء إصابتها بسرطان البنكرياس في يوليو الماضي عن سن الحادية والستين. وحتى بعد أن تكمل «إيب» و«فلو» مهمتهما، فإن العلماء سيستمرون في مراقبة ودراسة كميات المعطيات التي قاموا بجمعها. ومن بين الأشياء التي توصلوا إليها حتى الآن: أن القمر متضرر و«مهترئ» أكثر مما كان يُعتقد من قبل، وأن قشرة القمر أرق مما كان يعتقد. وعلاوة على ذلك، فإنه ليس ثمة دليل على أن كوكب الأرض كان لديه في وقت من الأوقات قمران تصادم أحدهما بالآخر ليشكلا القمر الذي نراه في السماء ليلا. أليشا تشانج صحفية متخصصة في الشؤون العلمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»