حين تطبق كماشة الخوف على قلوب المخلوقات، فلا تسأل إلى أين تأخذهم غريزة حب البقاء وكيف تأخذهم! وقد ثار فزع سكان بلدة «سايك» الواقعة في شرق الكونجو الديمقراطي، حين أصبحت البلدة ومحيطها مسرحاً لحشود من قوات المتمردين والقوات الكونجولية النظامية، تتأهب كلها للمواجهة ولما يريده كل جانب كمعركة أخيرة في حرب القضاء على الآخر. لقد أثارت مشاهد الاستعدادات خوف السكان، فخرجوا تاركين بيوتهم لا يلوون على شيء، طلباً للأمن والسلامة في الغابات والأحراش البعيدة. ورغم أن الرحلة قد تمتد وتطول، فهذا كل ما استطاعوا اصطحابه من أمتعة وزاد: مرتبة قديمة وحصير وصرة ملابس وأوعية تحوي ما تيسر من طعام. وسائل النقل أيضاً خانت الفارين، فهي لا تسع أمانيهم في اصطحاب جميع المتعلقات، أو في الركوب المريح وإركاب سائر الأطفال والنساء! وهذه الوسائل عبارة عن دراجات مصنوعة محلياً، لكن حين يتم تحميلها بالأمتعة، كما يظهر في الصورة، لا يعود بالإمكان تشغيل الدواسات الهوائية، وإنما يضطر المرء لتحريك الدراجة وحمولتها بجهدين متزامنين: جهد يدفعها إلى الأمام، وجهد آخر يسندها حتى لا تسقط هي وما عليها! إنها الصفحة الأولى من سفر النزوح ويومياته الأفريقية، في بلد كبير وغني بثرواته الطبيعية مثل الكونجو الديمقراطي! (ا ب)