كان تصويت الناخبين الأميركيين في السادس من نوفمبر الماضي بمثابة الرسالة الموجهة لقادتهم حول مستقبل المسار الاقتصادي للولايات المتحدة الأميركية. ويبدو أن أوروبا بلد تلو الآخر، تسير على نهج شبيه في الوقت الراهن بينما تبدأ الانتخابات التشريعية في رومانيا اليوم الأحد. كما كانت عملية إعادة انتخاب أوباما في الشهر الماضي، نصراً لمبادئ الوحدة المالية والنمو الذكي. وفي غضون ذلك، بدأ المزيد من الأوروبيين يعبِّرون عن رغبتهم في هذه السياسات أيضاً. ورومانيا من أكثر البلدان التي تضررت جراء الأزمة المالية في أوروبا. ولم يجد برنامج التقشف الذي تم تطبيقه عند ذلك الوقت الحكم المناسب والاستجابة الرشيدة، مما جعله يخلف آثاراً اقتصادية واجتماعية وخيمة على البلاد. وبات المعلمون والأطباء يتقاضون أجوراً أقل من تلك التي يتقاضاها العمال المهرة، لينتج عن ذلك هجرة كثيفة وسط أفراد الطبقة الوسطى. واعتلى«الاتحاد الاجتماعي التحرري» المكوَّن من تحالف «الوسط اليميني» و«اليساري»، سدة الحكم في مايو الماضي ليعطي الأولوية مباشرة لخطة عمل مستدامة تقوم على نمو شامل وذكي، مع الوضع في الاعتبار التوازن الصحيح بين نظام الميزانية الصارم والتعافي الاقتصادي وبين النمو والتطور الاجتماعي. والتزمت الحكومة بشدة بموازنة الميزانية وتعزيزها، ليشهد دين البلاد العام انخفاضاً منذ مايو الماضي مع تراجع في العجز العام من 4,1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2011، إلى 2,2 في المئة في 2012، مما حدا بـ«صندوق النقد الدولي»، الإشادة بذلك. وقمنا في الوقت نفسه، بإصدار تدابير صناعية تهدف إلى دعم النمو وتوفير الوظائف. كما أعدنا النظر في السياسات الضريبية لتقوية الأعمال التجارية الصغيرة، وقللنا من حالات التهرب الضريبي، مع البدء في القضاء على بعض الترتيبات المالية المستعصية في البلاد. وفي ذلك الحين، استمرت المعدلات الضريبية على انخفاضها وكجزء من حزمة الإصلاحات الاقتصادية، وتم وضع خطة جديدة للإعفاءات الضريبية بغرض تشجيع الاستثمار وتوفير الوظائف، وكل ذلك تحقق وسط مناخ اقتصادي مترد في أوروبا. وشهدت أوروبا موجة من الغضب الشعبي نتيجة فشل برامج التقشف في توفير الوظائف وخلق التوازن المالي السليم. ووضع الناخبون من بلدان مثل الدانمارك وفرنسا وهولندا وليتوانيا ورومانيا، ثقتهم في حكومات الاتحاد الأوروبي التي تنادي بالتقدم، والتي تملك برامج اقتصادية شبيهة بالتي في رومانيا ونبذ السياسة الشعبية القائمة على كره الأجانب والحمائية. وبدأ الإجماع الدولي مدعوماً بجهات مثل «صندوق النقد الدولي»، في التحذير من مغبة أن يقود الإفراط في فرض برامج التقشف على قارة تعاني من التعثر بالفعل، إلى طول أمد أزمة الديون السيادية بدلاً من تسهيل حلولها. وكما ذكرت مديرة صندوق النقد الدولي «كريستين لاجارد»، أننا نسير على طريق ضيق بين مخاطر الدين والركود، لكن :«ومن دون النمو، يصبح مصير الاقتصاد الدولي في مأزق حقيقي». ومن الدروس المهمة التي تستفيد منها أميركا بالإضافة إلى أوروبا، أنه وفي مواجهة التحديات الاقتصادية الهائلة، من الضروري ضمان أن إرادة الشعوب تأتي في المقدمة. وفي واشنطن يبذل كل من الحزبين «الديمقراطي» و«الجمهوري»، جهداً مقدراً من أجل تفادي السقوط في «الهاوية المالية». أما في رومانيا، فألَّف حزبا «الوسط اليميني» و«اليساري»، تحالفاً بوضع الاختلافات الأيديولوجية جانباً بهدف بناء برنامج عام وصولاً إلى دولة قوية. وشهد كلا جانبي المحيط الأطلسي تأثيرات قوية ناجمة عن الركود العالمي. وفي غضون ذلك، أنتظر أنا بجانب شركائي الحلفاء بشغف شديد انتخابات يوم الأحد، حيث يحدونا تفاؤل كبير في أن الشعب الروماني سيعمل على إعادة حكومتنا والاستمرار في برنامج الإصلاح الذي بدأناه. وعند القيام بذلك، فإن أول ما نوليه الاهتمام هو المساهمة في خلق قارة أوروبية أكثر وحدة ورفاهية وتقوية أواصر الشراكة الإستراتيجية، التي تربطنا بالولايات المتحدة الأميركية. فيكتور بونتا رئيس الوزراء الروماني ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»