تعيش الإمارات هذه الأيام عرساً شعبياً ورسمياً احتفالًا باليوم الوطني الحادي والأربعين للدولة، ويشارك في هذه الاحتفالات مختلف مكونات المجتمع الإماراتي من مؤسسات رسمية وخاصة، وتشاهد حلة جميلة أينما اتجهت احتفاءً بالمناسبة وكل ذلك إدراكاً لحجم الإنجاز المتحقق بنجاح التجربة الوحدوية الوحيدة في العالم العربي، بل إن الأمر لا يقتصر على نجاح تجربة الوحدة بل يتعدى ذلك إلى صنع نموذج تنموي ينعم بالرفاهية والأمن والاستقرار ليس له مثيل خلال فترة زمنية محدودة، ويشهد على ذلك كل من زار الإمارات وتفاعل مع أهلها والمقيمين على أرضها. وعندما قامت دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971 واجهت العديد من التحديات الداخلية والخارجية ومع قلة الموارد ومحدودية الخبرة في تأسيس دولة بأنظمتها وأجهزتها المختلفة إلا أنها شقت طريقها بثبات في مسيرة تنموية اتصفت بالاستمرارية والشمولية.. وإذا ما قورنت الإمارات ببقية دول المنطقة فيما يتعلق بالتنمية المتحققة في ذلك الوقت فسنجد أنها انطلقت بعدهم في معظم المجالات، بل إن الإمارات كانت تتطلع لدول الجوار للاستفادة من تجاربها وخبراتها في بناء الدولة ومؤسساتها. إن المتأمل لمسيرة الاتحاد يجد أن التميز في الإنجاز يعود إلى التميز في التأسيس. فرؤية القائد المؤسس الشيخ زايد رحمه الله تعالى وتوافق إخوانه حكام الإمارات، رحمهم الله عز وجل، في ذلك الوقت معه أوجد نهجاً متيناً وراسخاً لمسيرة الوطن، وشكل دعامة قوية حافظت على الاتحاد ومكنته من تجاوز كل التحديات. ومما تميزت به رؤية القائد المؤسس أن الاتحاد نهج ومصير، وأن وجودنا ومستقبلنا هو في الاتحاد وبنائه والمحافظة على إنجازاته. وقد شكل المواطن قلب رؤية القائد المؤسس وروحها فسخّر كل الموارد والإمكانات لخدمته والارتقاء بمستوى حياته، وقد كان يتابع شخصياً خطط التنمية التي تمس حياة المواطنين مباشرة ويحرص كل الحرص على الالتقاء بهم والتعرف عن كثب على احتياجاتهم وهموهم. وكانت أوامره فورية لتلبية تلك الاحتياجات ومعالجة تلك المشكلات، ولم يكن يؤمن بإحالتها إلى اللجان لتدرسها، بل كان يرى أن من مسؤوليته الشخصية قضاء حاجات المواطنين وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم. وقد كان للمرأة الإماراتية مكان بارز في رؤية القائد المؤسس في بناء دولة الاتحاد، وكان يرى في إنصاف المرأة وتعليمها وحماية حقوقها واجباً شخصياً نتج عنه العديد من المبادرات التي أسهمت في رقي المرأة في الإمارات وقيامها بدور أساسي في مسيرة الاتحاد. وقد كان الانفتاح على الآخر والاستفادة من خبرات الأشقاء والأصدقاء ركيزة أساسية في رؤية الشيخ زايد رحمه الله في بناء الاتحاد والتسريع بعملية التنمية فيه، ولهذا تقاطرت الخبرات والكفاءات من كل بقاع الأرض وأسهمت في عملية التنمية، وكل ذلك في إطار محكم من المحافظة على الهوية الوطنية والتراث الإماراتي الذي توارثته الأجيال التي عاشت على أرض الإمارات.