بعد أن تأخر لمدة عامين ولا يزال إدراج سوقي الإمارات والدوحة للمؤشر العالمي للأسواق الناشئة "MSCI" لأسباب عديدة، يتوقع أن تتم محاولات مماثلة خلال الفترة القريبة القادمة لانضمام السوق السعودية لهذا المؤشر الذي ستكون له انعكاسات كثيرة على نشاط السوق، وبالأخص على عملية جذب المستثمرين الأجانب لأسواق المال الخليجية. ومع أن هناك انفصالاً تاماً بين أداء الاقتصاد والبورصات في دول مجلس التعاون في ظاهرة نادرة الوجود في أسواق المال، على اعتبار أن البورصة هي المرآة الحقيقية لاقتصادات الدول، إلا أن الوضع في دول المجلس مختلف تماماً، فالأداء الاقتصادي الجيد والمدعوم بأسعار النفط المرتفعة في واد والبورصات المحلية في واد آخر. ويكمن أحد أسباب هذه الظاهرة في شح السيولة في البورصات الخليجية، وذلك على رغم فائض السيولة في هذه الأسواق التي تبحث عن منافذ استثمارية، إلا أن هذه البورصات فقدت ثقة المستثمرين لأسباب عديدة، يأتي في مقدمتها نقص الشفافية والحوكمة. ومن هنا، فإن عملية السعي للانضمام للأسواق الناشئة يمثل فرصة حقيقية لتجاوز أزمة الثقة هذه بين المستثمرين وأسواق المال في دول مجلس التعاون الذي قد يتيح لها الخروج من عنق الزجاجة التي تمر بها منذ سنوات عديدة، إذ إنه مع تلبية شروط الانضمام لمؤشر الأسواق الناشئة، فإن هذه المؤسسة الدولية التي تعتبر أكبر مزود للأدوات المساندة للقرارات الاستثمارية في الأسواق العالمية ستساهم من خلال تقاريرها الدورية عن الأسواق الخليجية في إضفاء الكثير من الشفافية على هذه الأسواق، وبالتالي كسب ثقة المستثمرين المحليين والأجانب. وستشمل هذه التقارير في حالة انضمام الأسواق الخليجية تحليلات للمؤشرات والمخاطر التي قد تتعرض لها وأداء المحافظ الاستثمارية وحوكمة الشركات التي تعتبر ضعيفة بالأسواق الخليجية في الوقت الحاضر، حيث تتم متابعة مثل هذه التقارير من قبل صناديق الاستثمار حول العالم التي تبحث عن فرص استثمارية، وبالأخص في الأسواق الناشئة. ويتزامن هذا التوجه مع توجهات أسواق المال في دول مجلس التعاون لتقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين الأجانب والسماح لهم بالاستثمار المباشر في أسواقها المالية، وهي خطوة متقدمة لا تخلو من الإيجابيات والمحاذير التي يمكن تفاديها من خلال اتخاذ إجراءات ترمي إلى تطوير أدوات هذه الأسواق واستكمال مقوماتها. وفي مقابل متطلبات "MSCI"، كالشفافية والحوكمة التي ستكون مفيدة للغاية، فإن هناك متطلبات أخرى خاصة بالأسواق ذاتها والتي يمكن من خلالها تفادي بعض المحاذير الخطرة، فانعكاسات تدفق الاستثمارات الأجنبية على الأسواق الخليجية ليست كلها وردية، ففي الوقت الذي ستساهم في حل مشكلة الثقة والسيولة، فإنها ربما تساهم في تأجيج المضاربات من خلال الأموال الساخنة. والحال أنه لا يوجد أسهل من البورصات الخليجية لاستغلالها في المضاربات بسبب سهولة دخول وخروج الأموال الساخنة وغياب شركات صانعة الأسواق التي يمكنها الحد من المضاربات من خلال قدراتها المالية وخبراتها في أسواق المال، كما أنه بدون عملية استعداد ربما تكون النتائج على غير ما هو متوقع منها. وضمن عملية الاستعداد، يأتي أولاً استكمال البنية التشريعية والقانونية لأسواق المال الخليجية التي هي بحاجة إلى إصدار تشريعات جديدة تمنح إدارات هيئات الأسواق المزيد من الصلاحيات التنظيمية والإدارية بعيداً عن تجاذبات وتضارب المصالح، وكذلك تعزيز الشفافية والحوكمة. ومن جانب آخر، فإنه لابد من الإسراع في تأسيس شركات صانعة السوق التي يتوقع أن تلعب دوراً كبيراً في تعزيز الثقة في البورصات ودعم استقرارها والحد من المضاربات التي أصبحت سمة مميزة لأسواق المال الخليجية في السنوات الماضية. إذن هناك إجراءات متبادلة بين أسواق المال الخليجية ومؤسسة MSCI لابد أن تتزامن لتحقيق الأغراض المرجوة من عملية انضمام أسواق المال الخليجية لمؤشر البورصات الناشئة في العالم، الذي سيجد له أصداء إيجابية متى ما تمت عملية الانضمام بالجهود المشتركة للمؤسسة العالمية وإدارات أسواق المال الخليجية.