"المؤسسة هي الناس يا أصدقائي" كان هذا هو ما قاله المترشح "ميت رومني" رداً على أحد السائلين في نقاش متوتر مع الجمهور جرى الصيف الماضي في ولاية "آيوا". وسيكون ما قاله رومني أثناء هذا النقاش واحداً من أولى الهفوات التي سيعلقها الديمقراطيون حول رقبته، إذا ما تم اختياره في النهاية ليخوض انتخابات الرئاسة كمرشح للحزب الجمهوري أمام أوباما، وهو أمر محتمل إلى حد كبير، وإن لم يكن أيضاً مؤكداً بشكل قاطع. والراهن أن عبارة: "المؤسسة هي الناس" قد وظفت توظيفاً مفرطاً خارج سياقها للنيل من رومني في حين أنه كان يقصد بها أن فرض المزيد من الضرائب على المؤسسات، يعني فرض المزيد من الضرائب على الناس، لأن المؤسسة ستقوم بتحميل تلك الضرائب على المستهلكين في نهاية المطاف. وفي الحقيقة أن رومني يتمتع بموهبة تجعل حججه ومناقشاته وأقواله تبدو أسوأ كثيراً عما هي عليه في الواقع. فرجل مثله يطلق عليه منتقدوه "عدو المؤسسات" -على ما في هذا المصطلح من مبالغة- ينبغي ألا يستخدم عبارة مثل "أنا أحب أن أسرّح الناس من المؤسسات" في أي سياق مهما كان، وخصوصاً في السياق الحالي حيث وصل الاقتصاد والبطالة إلى درجة مخيفة حقاً من التردي. ولا يعنيني هنا أن السياق الكامل لتلك الجملة يمكن أن يكون "أنا أحب أن أسرح الناس الذين يؤذون الآخرين"، فنحن لا نعرف أي جزء من الجملة ستستخدمها اللجنة الوطنية الديمقراطية للإساءة له وللجمهوريين. وإذا ما عدنا إلى عبارة أن "المؤسسة هي الناس" فإننا يمكن أن نجد من يقول إن المؤسسة ليست أناساً خصوصاً في هذا النمط من الحياة البشرية القائم على الكربون الذي يحياه الناس. ولو كانت المؤسسات أناساً حقاً فإن رجلاً مثل "ستيفن كولبرت" سيكون على حق عندما يقول إن رومني يعتبر في هذه الحالة قاتلاً متسلسلًا لأنه عمل رئيساً لشركة مثل "باين كابيتال" العملاقة العاملة في مجال الاستثمارات والخدمات المالية التي قامت بشراء مؤسسات متعثرة وأعادت هيكلتها. وعلاوة على ذلك فإن القانون لا يعامل المؤسسات مثلما يعامل الناس كما أنها بحسب ما يقول "إيليا شابيرو" أستاذ القانون: "لا تتمتع بالحماية الدستورية التي يتمتع بها الناس عادة: فالشرطة تستطيع اقتحام مقار المؤسسات في أي وقت ومصادرة ما فيها من حواسيب وأجهزة وأصول مختلفة. كما أن عمدة نيويورك يمكنه أن يمارس سيطرة على مركز روكلفر بحكم القانون وبدون تعويض إذا ما قرر نقل مكتبه إلى هناك". إن الشيء الذي أجده ملفتاً للنظر إلى أقصى حد حول النقاش المتعلق بالمؤسسة وشخصيتها هو حقيقة أن الناس الذين يدافعون عن شخصية المؤسسة غير قادرين على تحويل المشروعات الكبيرة إلى بشر (ناس في هذا السياق) بنفس القدر الذي لا يستطيعه أولئك الذين يعارضونها. وأرى أن رئيس قضاة المحكمة العليا الأميركية "جون ستيفنز" على حق عندما يقول إن المؤسسات ليس لها إيمان ولا عقيده ولا مشاعر ولا رغبات. ولكن قد نجد هناك من يعارض ما يقوله ويتساءل: "طالما أن الأمر كذلك فلماذا نسمع عبارات من قبيل «طمع المؤسسات».. إن الكيانات غير البشرية لا يمكن أن تكون طماعة... أليس كذلك. --------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي إنترناشيونال"