السياحة... استثمار سخي وأداء قوي
تحرص دولة الإمارات على الإنفاق بسخاء على قطاعها السياحي باعتباره أحد أهم القطاعات التي تعتمد عليها خطط التنويع الاقتصادي التي تنفذها حالياً، ولذلك فهي تخطط لتوجيه ما يقدّر بنحو 233 مليار دولار من الاستثمارات إلى هذا القطاع خلال العقد المنتهي في عام 2018، وهو ما يضعها على رأس دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كأكبر دولة مستثمرة في السياحة، وهي بهذا الاستثمار السخي أيضاً تستحوذ على أكثر من أربعة أخماس إجمالي الاستثمار السياحي في دول الخليج العربية خلال الفترة نفسها وفقاً لبيانات "دائرة السياحة والتسويق التجاري" في إمارة دبي.
إن الاستثمار السياحي السخي يعبّر بشكل قاطع عن مدى الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات للسياحة كبديل لتنويع مصادر الدخل القومي، ويقدّر الاستثمار السياحي الإماراتي في الوقت الحالي بأكثر من ثلث حجم الاستثمار الإجمالي في الدولة، ومن المتوقع أن تزيد هذه النسبة إلى أكثر من خُمسي الاستثمار الإجمالي في نهاية العقد الجاري وفقاً لبيانات "مجلس السياحة والسفر العالمي"، ويبدو أن الاقتصاد الإماراتي قد بدأ بفضل هذه السياسة السياحية الطموح في جني الثمار، فقد توقّع مجلس السياحة والسفر العالمي أن يصل إسهام هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي الإماراتي إلى نحو 10.4في المئة في نهاية العام الجاري، وأن ترتفع هذه النسبة إلى ما يقدّر بنحو 12.1في المئة بحلول عام 2021.
تأتي هذه التوقعات الإيجابية بشأن قطاع السياحة الإماراتي بعد سلسلة من التوقعات المماثلة والمؤشرات الإيجابية التي كانت قد صدرت بشأن هذا القطاع خلال الفترات الماضية، ما يشير إلى أن هذا الأداء المستقبلي المتوقع لن يكون سوى امتداد لأداء إيجابي استمر على مدار سنوات ماضية، فقد استطاعت الإمارات بفضل مواردها السياحية الثرية وسياستها السياحية الطموح أن تستحوذ خلال السنوات الماضية على نحو خُمس إجمالي عدد السيّاح القادمين إلى منطقة الشرق الأوسط وفقاً لبيانات مؤسسة "بيزنس مونيتور إنترناشيونال"، وحافظ القطاع على معدّل نمو سنوي يقدّر بنحو 10 في المئة في المتوسط خلال السنوات الخمس التي سبقت "الأزمة المالية العالمية".
وحلّت دولة الإمارات بين الدول الثلاث الأكثر صعوداً في مجال السياحة على المستوى العالمي بعد الصين وفيتنام، وأصبحت إحدى أفضل الوجهات السياحية في العالم وفقاً لعدد من المؤسسات الدولية العاملة في القطاع السياحي، كما أنها جاءت في المرتبة الأولى بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقاً لـ "دليل العلامات التجارية للدول"، الذي تصدره مؤسسة "فيوتشر براند لاستشارات العلامات التجارية العالمية"، وهو المؤشر الذي يقيس آراء السيّاح ورجال الأعمال حول الوجهات السياحية المفضّلة على المستوى العالمي.
إن هذا الاهتمام ومن ثم الأداء الإيجابي المتميّز لقطاع السياحة الإماراتي من المتوقع أن يكون له تأثير إيجابي كبير في الأبعاد التنموية للدولة خلال السنوات المقبلة، بخاصة أن النمو الكمّي المحتمل لهذا القطاع يرتبط بمظاهر نمو كيفي ذات أهمية كبير من الناحية التنموية، كونه يعود على الاقتصاد الوطني بالعديد من الوفورات الخارجية، من قبيل زيادة الطلب على منتجات القطاعات الاقتصادية الأخرى والصناعات المتشابكة معه، وتوليد فرص عمل جديدة بمعدّلات تفوق تلك المعدّلات المتعارف عليها على المستوى العالمي ما سيكون له دور مهم في جانب محاصرة البطالة، إلى جانب توليد فرص استثمارية متنوّعة سواء في القطاع السياحي ذاته أو في باقي القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية