شهدت التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات نمواً يقدر بنحو 14% خلال عام 2010، مكتسبة المزيد من الزخم والقوة بعد أن كانت قد شهدت تراجعاً استثنائيّاً خلال عام 2009 فتراجعت بنحو 13% كجزء من تراجع الصادرات العالمية بفعل "الأزمة المالية العالمية"، التي ضغطت على مجمل الطلب الكلي على المستوى العالمي في ذلك العام، وبهذا الارتفاع فقد اقتربت قيمة التجارة غير النفطية للدولة من مستويات ما قبل "الأزمة المالية"، التي بلغت نحو 759 مليار درهم في عام 2008. يمثّل هذا المؤشر قيمة كبيرة بالنسبة إلى الاقتصاد الإماراتي بشكل عام، كونه يعبّر عن مدى اقتراب الاقتصاد من التعافي التام من تداعيات "الأزمة المالية"، حيث إنه استطاع خلال العام الماضي أن يحقّق مكاسب عدة، بداية بالعودة إلى النمو بمعدلات إيجابية متغلّباً على حالة التباطؤ التي أصابته في العام السابق كجزء من التباطؤ الاقتصادي العالمي كله، ويمثل نمو التجارة الخارجية غير النفطية بهذا المعدل المرتفع دليلاً على تزايد أهمية دور القطاعات غير النفطية في دعم مسيرة التقدّم والتنمية الاقتصادية في الدولة كلها، كنتيجة مباشرة لسياسة التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الدولة بهدف تنويع مصادر الدخل القومي كجزء من استراتيجياتها وخططها للتنمية طويلة الأجل، التي تستهدف توسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني بعيداً عن القطاع النفطي، كآلية لإدراك أهداف التنمية الشاملة والمستدامة. يعتبر نمو الصادرات غير النفطية أحد أهم الإنجازات التي استطاع الاقتصاد الإماراتي إدراكها خلال العام الماضي، حيث ارتفعت قيمة هذه الصادرات بنحو 27% مقارنة بمستواها خلال العام السابق، وإن كان هذا النمو الكبير قد تحقّق في جزء منه جراء النمو في التجارة العالمية بوجه عام في ظل الانتعاش النسبي الذي شهدته تلك التجارة في ذلك العام، إلا أن ارتفاع معدل نمو الصادرات الإماراتية إلى هذا المستوى يمثّل دليلاً على حيازة هذه الصادرات من السلع والخدمات الإماراتية على ثقة كبيرة بالأسواق العالمية، ما يعبّر بدوره عن تحسّن القدرات التنافسية لهذه الصادرات في الأسواق العالمية أيضاً. يمثّل التوزيع الجغرافي للصادرات الإماراتية غير النفطية بدوره أحد المؤشرات المهمة والمعبّرة عن مدى الاتّساق الحادث بين أداء قطاع التجارة الخارجية في الدولة مع أداء التجارة العالمية بشكل عام، ففي الوقت الذي تتّجه فيه التجارة العالمية إلى التركز في اتجاه دول الاقتصادات الصاعدة في آسيا، فقد استحوذت المنطقة الآسيوية على نحو 47% من إجمالي الصادرات الإماراتية غير النفطية ونحو 48% من الواردات الإماراتية غير النفطية ونحو 58% من إجمالي قيمة السلع والمنتجات غير النفطية المعاد تصديرها من دولة الإمارات، وفي المجمل فقد استحوذت تلك المنطقة على ما يقدّر بنحو 59.4% من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات. إن هذه المؤشرات إلى جانب دلالاتها الإيجابية بشأن الأداء الكليّ للاقتصاد الإماراتي، فهي تنطوي على دلالتين مهمّتين أيضاً، تتمثل أولاهما في أن القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني باتت على قدر كبير من التوازن والمتانة في ظل تحسّن الأداء العام وتزايد دور القطاعات غير النفطية كمصدر للدخل، وتتمثل الدلالة الثانية في أن الاقتصاد الإماراتي قد نجح في الاستفادة من التطوّرات التي تشهدها التجارة العالمية (النمو الكمي والتوزيع الجغرافي) وتوظيفها في مصلحته، بما يمكّنه من تحقيق المزيد من التنوّع والاستقرار. _________________________ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.