الصحافة الإسرائيلية
"المساواة" لا تنطبق على الفلسطينيين... والربيع "العربي" يهمش "معاداة" إسرائيل
ازدواجية "العدالة الإسرائيلية" في الضفة الغربية، ونظرة العرب لإسرائيل بعد "الربيع العربي"، و"خيارا" إسرائيل بشأن الضفة الغربية، والتنسيق الأمني بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي... موضوعات نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة في الصحافة الإسرائيلية.
"المساواة" الغائبة
"المساواة وفق القانون" لا تنطبق على الفلسطينيين...هذا ما سلطت
"هآرتس" عليه الضوء ضمن عددها ليوم أمس الثلاثاء، وذلك تعقيباً على تقرير جديد صدر عن منظمة "بتسليم" الإسرائيلية الحقوقية، ونشر أول أمس الاثنين، يفيد بأن يافعاً واحداً فقط من أصل 835 برئت ساحته من تهمة رشق الحجارة في الضفة الغربية خلال الست سنوات الماضية، فيما تمت إدانة الآخرين. كما يشير التقرير إلى أن حوالي 60 في المئة من القاصرين المدانين قضوا عقوبات سجنية لمدة أربعة أشهر أو أكثر. ومن بين القاصرين الذين قضوا عقوبات سجنية من بضعة أيام إلى شهرين كان هناك 19 حدثاً تتراوح أعمارهم ما بين 12 و13 عاماً.
الصحيفة وصفت هذه الأرقام بالمخيفة، مشيرة إلى أن المنطق أو الذريعة التي يتم الاستناد إليها لتبرير إصدار عقوبات سجنية قاسية في حق قاصرين فلسطينيين، هو أن الجيش الإسرائيلي مسؤول عن أمن "الجمهور" وسلامته في الأراضي المحتلة. غير أنها لفتت هنا إلى ما يعتبر في الواقع ازدواجية في المعايير، مشيرة في هذا الإطار إلى أنه وخلافاً لما يدفع به مكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فإن تقرير منظمة "لا حدود قانونية" يقول إن محكمة الأحداث العسكرية التي أسست حديثاً بالكاد ساهمت في تحسين الدفاع عن حقوق القاصرين. كما أن القاصرين المتورطين في "جنح" مماثلة في إسرائيل لا يتلقون أحكاماً قاسية وعقوبات سجنية مثل تلك التي تصدر في حق الأحداث الفلسطينيين الذين يرمون قوات الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة في الضفة الغربية، معتبرة أن "الحاجة إلى العقاب والردع لا تختفي عندما ينتقل المشهد إلى الجانب الإسرائيلي من الخط الأخضر"؛ لتذهب إلى أن "تظاهر إسرائيل بأنها بلد تسود فيه المساواة وفق القانون يبدو سخيفاً بالنظر إلى النظام القضائي الآخر الذي يطبق على الأحداث الذين ليسوا فلسطينيين".
إسرائيل و"الربيع العربي"
"جاي بيشور" كتب مقالاً يوم الجمعة الماضي في "يديعوت أحرنوت" اعتبر فيه أنه مع الانتفاضات والاحتجاجات التي عرفتها عدد من البلدان العربية في إطار ما بات يعرف بـ"الربيع العربي"، فإن معظم العرب اكتشفوا أن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني ليس مركزياً بالنسبة لهم، على حد زعمه. وفي هذا الإطار، قال "بيشور" إن العالم العربي فقد خلال الستة أشهر الماضية محوراً مهماً، كان يعتمد عليه كثيراً طيلة عقود، ألا وهو "معاداة إسرائيل"، الذي وصفه بأنه "الغراء" الوحيد الذي كان يحافظ عليه متماسكا – بمختلف مجموعاته الإثنية والدينية والمذهبية وغيرها.
فـ"كراهية إسرائيل" كانت تمثل "الأرضية المشتركة الوحيدة" بالنسبة لكل الأطراف في المنطقة، حسب زعم كاتب المقال الذي يقول إن هذا تحديداً هو ما كان يفعله الحكام المستبدون السابقون، حيث كان يسعون إلى صرف انتباه مواطنيهم عن المشاكل في بلدانهم وتركيزها على عدو خارجي. وقد كان كره إسرائيل مفيداً وممتعاً، حسب "بيشور" دائماً، وذلك على اعتبار أن تلك الكراهية كانت تخلق وحدة وطنية، وكان المواطنون يصدقون تلك التكتيكات الرامية إلى تشتيت انتباههم. غير أنه في هذه الأيام، وفي وقت بات فيه جمهور عربي واسع يطالب بحقوقه، يتابع الكاتب، فإن النزاع مع إسرائيل عاد إلى حجمه الصحيح.
"خيارا إسرائيل الوحيدان"
ضمن مقالها الأسبوعي بصحيفة "جيروزاليم بوست"، اعتبرت "كارولين جليك" في عدد يوم الاثنين أن ثمة طريقتين فقط للتعامل مع الضفة الغربية: إما أن يسيطر الفلسطينيون على الضفة الغربية، أو أن تقوم إسرائيل بضمها. وفي هذا السياق، تزعم الكاتبة بأنه في حال سيطر الفلسطينيون على الضفة الغربية، فإنهم سينشئون على أراضيها "دولة إرهابية" على غرار "دولتهم الإرهابية" في غزة وسيستعملونها كنقطة لمواصلة الحرب ضد إسرائيل. وتتابع "جليك" قائلة إن تجربة إسرائيل مع غزة وجنوب لبنان خلال مرحلة ما بعد الانسحاب الإسرائيلي ليست الوحيدة التي توضح أن ضفة غربية خاضعة للسيطرة الفلسطينية خلال مرحلة ما بعد الانسحاب ستصبح "دولة إرهابية"، مضيفة أن الفلسطينيين أنفسهم لا يخفون ذلك. ففي استطلاع فلسطيني للرأي صدرت نتائجه الأسبوع الماضي، قال 65 في المئة من الفلسطينيين إنهم يعتقدون أنه ينبغي إجراء مفاوضات مع إسرائيل. ولكن ثلثي الفلسطينيين يعتقدون أن المفاوضات ينبغي ألا تفضي إلى تأسيس دولة فلسطين إلى جوار إسرائيل وفي حالة سلام معها، بل يعتقدون – والكلام دائما لكاتبة المقال – أن تأسيس فلسطين إلى جوار إسرائيل ينبغي أن يكون بمثابة وسيلة لمواصلة حربهم ضد إسرائيل.
أما الخيار الثاني، حسب "جليك" دائما، فيتمثل في ضم إسرائيل للضفة الغربية بسكانها العرب. وفي هذا الإطار، أشارت الكاتبة إلى أن استيعاب السكان العرب للضفة الغربية من شأنه أن يزيد حجم الأقلية العربية في إسرائيل من 20 إلى 33 في المئة من مجموع السكان، معترفة بأن سيناريو من هذا القبيل من شأنه أن يطرح تحديات قانونية واجتماعية وأمنية جديدة ومعقدة. ولكن من شأنه أيضاً أن يعود على إسرائيل بفرص وفوائد أساسية، ومن ذلك أن إسرائيل ستحافظ على "سيطرة عسكرية كاملة" على أراضي الضفة الغربية. كما أن إسرائيل، ومن خلال تأكيد "حقوقها السيادية" على الضفة الغربية ستتبنى بذلك موقفاً واضحاً لا غموض فيه يمكن أن يلتف حوله مواطنوها وأنصارها. ثم أردفت تقول: "كلا إن الضم لن يكون سهلاً؛ ولكن البديل، بالمقابل، سيكون بمثابة انتحار وطني".
شريك فلسطيني
ضمن عددها ليوم أمس الثلاثاء، نشرت "هآرتس" مقال رأي لـ"روفن بيداتزور" وأفرده للرد على بعض الأصوات الإسرائيلية اليمينية التي تزعم بعدم وجود شريك فلسطيني، مشدداً على وجود تعاون وتنسيق أمني فعال بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وفي هذا الإطار، أكد الكاتب أن الرئيس الفلسطيني ورئيس وزرائه، يحاربان "الإرهاب" فعلياً، حيث لا يكتفيان بالتنديد به أو شجبه، وإنما يتخذان خطوات ملموسة لإفشاله وإحباطه. وتابع يقول إن محاربة الفلسطينيين لـ"الإرهاب" لا تستند بالطبع إلى رغبتهم في حماية المواطنين الإسرائيليين من منفذي الهجمات الانتحارية، وإنما لأنه يعرض استمرار وجود السلطة الفلسطينية للخطر.
إلى ذلك، يقول "روفن بيداتزور" إن فياض، الذي اشتهر بإصلاحاته الاقتصادية، نجح أيضاً في تنظيم أجهزة الأمن الفلسطينية وتحسين أدائها، حيث دشن جهازاً أمنياً- عسكرياً هرمياً يتكلم بصوت واحد. وبتوجيهات منه، تم التركيز على تحسين الأمن الشخصي لسكان الضفة الغربية، وبدأت الشرطة المدنية فعليا في فرض تطبيق الأمن والنظام. ولكن الأهم من ذلك، على الأقل من وجهة النظر الإسرائيلية، هو نجاح أجهزة الأمن الفلسطينية في الكشف عن عدد من المخططات "الإرهابية". هذا بالإضافة إلى إخطار إسرائيل في كل مرة يتم فيها اكتشاف بهذا الشأن. قبل أن يختم بالقول إن كل هذا يشير إلى أن الاختيار الاستراتيجي للقيادة الفلسطينية، في هذه المرحلة على الأقل، هو اتخاذ خطوات سياسية – وليس عسكرية. وفي الأثناء، يمكن القول إن هناك شريكاً للتفاوض معه.
إعداد: محمد وقيف