افتتح الاقتصاد الوطني الإماراتي عام 2011 بعدد من المؤشرات الإيجابية، التي دلّلت تباعاً على حجم الزخم الذي ما زال يحتفظ به هذا الاقتصاد بالرغم من تداعيات "الأزمة المالية العالمية" التي ما زالت تلقي بظلالها على العديد من الاقتصادات حول العالم، وما زالت تقلّص فرص النمو في مختلف الأنشطة الاقتصادية حتى الحيوية منها. فقد شهدت الأيام القليلة الماضية خروج بعض المؤشرات التي تشير إلى أن الاقتصاد الإماراتي أصبح على قدر كبير من الديناميكية، ففي دراسة مسحية حديثة لمؤسسة "بيت دوت كوم" بالتعاون مع مؤسسة "يوجوف سيراج" لعيّنة من أصحاب الأعمال في دولة الإمارات أكد نحو 52 في المئة من المستطلعة آراؤهم أن لديهم النيّة لتعيين كوادر بشرية جديدة في مؤسساتهم خلال الأشهر الستة المقبلة، وتماشيّاً مع الاتجاه نفسه فقد احتلت دولة الإمارات المرتبة الخامسة عشرة عالميّاً ضمن مؤشر "نيلسن العالمي لثقة المستهلك"، وذلك ضمن مجموعة من 52 دولة تمّ إجراء المسح على مجتمع المستهلكين فيها، حيث تتوزع هذه الدول على أقاليم العالم المختلفة. يقيس المؤشران المذكوران جانبين مهمّين من جوانب أداء الاقتصاد الإماراتي، فالمؤشر الأول الذي يقول إن نحو 52 في المئة من أصحاب الأعمال ينوون توظيف كوادر بشرية جديدة في مؤسساتهم يعبّر عن مدى ثقة المستثمرين باقتصاد الدولة بوجه عام، وأنهم باتوا على يقين بالغ بأن الأسواق الإماراتية سوف تشهد المزيد من الازدهار والتوسّع خلال الفترة المقبلة، لتستوعب كميّات أكبر من منتجاتهم ولتساعدهم على التوسّع في خطوط الإنتاج الخاصة بهم، الأمر الذي سيلعب بدوره دور المغذّي لقوى النمو الاقتصادي في الدولة، ويضفي المزيد من الجاذبية على المناخ الاستثماري فيها. أما المؤشر الثاني والمتعلّق بثقة المستهلكين في الاقتصاد الإماراتي فيعبّر عن وجه إيجابي آخر للأداء الاقتصادي في الدولة، وهو في هذا الخصوص يقيس مستوى الديناميكية التي يتمتّع بها الطلب الكلّي داخل الاقتصاد الإماراتي، ولعلّ هذه المرتبة المتقدّمة التي احتلتها الدولة بين الدول محلّ الدراسة وفقاً لهذا المؤشر تعبّر عن أن الاقتصاد الإماراتي بفضل قدرته على النمو والحراك قد بات ضمن الاقتصادات المهمّة والأكثر ديناميكية وقدرة على النمو على مستوى العالم في الوقت الراهن. يعطي هذان المؤشران صورة مكتملة المعالم عن الاقتصاد الإماراتي، وعن عجلة النمو والازدهار الاقتصادي التي باتت قادرة على الدوران بالاعتماد على القدرات الذاتية، وهو ما يمثّل ميزة قوية للاقتصاد الإماراتي تمكّنه من المضي قدماً تجاه الخروج من نفق الأزمة المالية العالمية دون انتظار دعم الاقتصاد العالمي، الذي ما زال يعاني ويتباطأ تحت وطأة الأعباء التي أفرزتها هذه الأزمة. ولعلّ هذا الأداء المتميّز للاقتصاد الإماراتي سواء في ما يتعلّق بثقة أصحاب الأعمال أو ثقة المستهلكين يوفر له فرصة جيدة لاستغلال الحراك الذي يشهده النظام الاقتصادي العالمي في المرحلة الراهنة، والمتمثّل في انتقال موازين القوى الاقتصادية وبؤر تركز حركة التجارة العالمية وحركة رؤوس الأموال عبر الحدود، فبأدائه هذا فهو يستطيع استقطاب كميّة أكبر من رؤوس الأموال الأجنبية وحركة التجارة العالمية والإقليمية، ليزداد موقعه تحسّناً على قوائم مراكز التجارة والأعمال الإقليمية والعالمية، وليستطيع أن يوظف هذه التدفقات في خدمة أهدافه المستقبلية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية