جاهزية البنية الرقمية
تعدّ دولة الإمارات من أكثر دول العالم اهتماماً بالبنية المعلوماتيّة، وقد دأبت طوال الأعوام الماضية على احتلال مراتب متقدمة على سلم الترتيب العالمي، وأن تحتلّ المرتبة الأولى عربياً وفقاً لمؤشرات جاهزية البنية الرقمية، التي تقيس مدى استعداد الدول لاستيعاب تطوّرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حول العالم، من خلال توفير البنية التحتية اللازمة لنشر استخدام تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مختلف الأنشطة الاقتصاديّة في الدولة، وكذلك مدى قدرة الدولة على تمكين أفرادها ومؤسساتها الحكوميّة والخاصّة من استخدام هذه التكنولوجيات، ومدى استيعابهم لتلك التكنولوجيات، ومن ثم تطبيقها الفعلي في حياتهم وأنشطتهم اليومية.
لكن إن كان توفير البنية التحتية والشبكات الرقميّة، وتمكين الأفراد والمؤسسات من الوصول إليها واستخدامها في حياتهم اليومية هو الشرط الضروري والمُلِح لتطوير طرق الإنتاج والعيش أيضاً في جميع دول العالم في الوقت الحاليّ، فإن حماية هذه البنى والشبكات وتأمينها يأتي بمنزلة الشرط الكافي لتحفيز المستفيدين من هذه الشبكات والبنى على استخدامها وتعميمها في جميع أنشطتهم الإنتاجية والمعيشية، في العصر الذي باتت فيه هذه الوسائل على الوسيط المحوريّ لتأدية معظم إن لم يكن جميع الأنشطة.
ولعل وعي دولة الإمارات بهذه الحقائق هو ما دفعها إلى بذل جهود حثيثة على مدار السنوات الماضية في مجال توفير البنى والشبكات الرقميّة، والعمل المتواصل على تطويرها لتكون متوافقة مع المستجدات والتطورات العالمية في هذا الشأن، وكذلك فإن الدولة تحرص دائماً على توفير أعلى معدلات الأمان لهذه الشبكات والوسائط، بما يضمن سلامة التعاملات والاستخدامات التي تتم عبرها وأمنها، وبالتالي يحمي مصالح مستخدميها والمستفيدين منها وحقوقهم، لتحفيزهم على الاعتماد عليها في أعمالهم وأنشطتهم اليوميّة.
وتعدّ دولة الإمارات إحدى أكثر دول العالم وأكثر دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا اهتماماً بأمن المعلومات والشبكات الإلكترونية، حيث تستحوذ الدولة على نحو 36 في المئة من إجمالي الأموال التي يتم إنفاقها في المنطقة على أمن المعلومات والشبكات، وتشير بعض التقارير الصادرة عن شركة "سِمانتك" العالميّة المتخصّصة في أمن المعلومات إلى أن دولة الإمارات أصبحت حالياً من أكثر دول العالم تمتعاً بأمن المعلومات بمختلف مكوناته، كما أشارت بعض التقارير الحديثة الصادرة عن هذه الشركة إلى أن دولة الإمارات تحتل حالياً المرتبة الأولى عالمياً في مكافحة ظاهرة الرسائل البريديّة غير المرغوب فيها، حيث أوضحت بيانات الشركة أن الإجراءات الأمنية التي تطبقها دولة الإمارات تمكّنها من حجب نحو 92.5 في المئة من إجمالي الرسائل البريدية غير المرغوب فيها.
والمؤكد أن نجاح دولة الإمارات في تأمين شبكاتها وبنيتها الرقمية قد ساعد المستفيدين، سواء كانوا أفراداً عاديين أو مستثمرين أو مؤسسات حكومية أو خاصة، على حماية أنفسهم من جميع سبل التهديد الإلكترونية، ومنها رسائل البريد الإلكتروني غير المرغوب فيها، وبالتالي حماية أجهزتهم وأعمالهم اليومية من الفيروسات، وكذلك محاولات الاختراق التي ترد إليهم عبر هذا النوع من الرسائل، ما ساعدهم على تجنّب الخسائر المادية وخسائر الجهد والوقت التي يمكن أن تحدث عند فقدان الملفات أو تلفها نتيجة الإصابات الفيروسية عبر هذه الرسائل، وكذلك فإن الإجراءات الأمنية التي تطبقها الدولة في هذا الشأن تجنّب المستثمرين ومؤسسات القطاع الخاص، ومن ثم الاقتصاد الوطني كله، التكاليف الاقتصادية الكبيرة التي قد تنتج عن هذه الممارسات.
______________________
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.