تأهيل الكوادر المواطنة
يعتبر العمل على تأهيل الكوادر المواطنة في المجالات المهنية والتقنية أحد أهم الأهداف التي تسعى إليها الهيئات والجهات المختلفة في الدولة، وذلك للأهمية المتزايدة لهذه المجالات في سوق العمل، ولذا لا تألو الدولة جهداً في دعم المراكز والمعاهد التي تهتم بالتأهيل المهني والفني للمواطنين، وإكسابهم مهارات وخبرات جديدة ترفع من قدراتهم التنافسية في سوق العمل، وهذا ما حرص سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، نائب رئيس "مجلس أبوظبي للتعليم"، على تأكيده، مؤخراً، لدى تكريمه الخريجين من "مركز التعليم والتأهيل المهني" التابع لـ"معهد التكنولوجيا التطبيقية"، فقد أثنى على الدور الذي يقوم به المركز في تأهيل الكوادر المواطنة في المجالات المهنية والتقنية، التي ستشكّل رافداً مهماً لإمداد المؤسسات الصناعية الوطنية باحتياجاتها من الموارد البشرية المدربة عملياً.
التوجه الذي تتبنّاه الدولة نحو تأهيل الكوادر المواطنة في المجالات المهنية والتقنية يستند إلى اعتبارات رئيسية عدة، أولها أن إيجاد قاعدة من الكوادر المواطنة المؤهلة بشكل جيد في المجالات المهنية والتقنية يستجيب لخطط الدولة نحو بناء قاعدة صناعية كبيرة والتوسّع في خصخصة العديد من القطاعات المهمة التي أصبحت تتطلب عمالة نوعية ماهرة تمتلك أدوات المعرفة والتكنولوجيا المتقدّمة، وخريجو مراكز التأهيل، بفرعيها المهني والتقني في الدولة، وبما يتلقونه من تدريب وتأهيل، يشكّلون رافداً مهماً لإمداد المؤسسات الصناعية في مختلف القطاعات. وعلاوة على ذلك فإن هناك خططاً لإنشاء مراكز متقدّمة للتدريب والبحوث الصناعية وتوفيرها، بالتعاون مع بعض المؤسسات المتخصّصة في الدول الصناعية، لتأهيل جيل من الشباب المواطن على درجة رفيعة من الكفاءة المهنية في القطاع الصناعي. الاعتبار الثاني أن الاهتمام بالتعليمين المهني والتقني يستجيب في جانب آخر لحاجة تربوية مهمة، هي استيعاب شريحة من الشباب الذين تتناسب مجالات الدراسة التطبيقية مع قدراتهم واهتماماتهم، فضلاً عن شريحة أخرى من الشباب حالت الظروف دون تكملة دراستهم، ولذا توفّر معاهد ومراكز التأهيل والتدريب المهني المخرج أمام هؤلاء وإتاحة الفرصة لهم للانخراط في سوق العمل والالتحاق بكبريات الشركات الصناعية. الاعتبار الثالث يتعلق بتنفيذ سياسة التوطين التي أصبحت تتطلب عناصر بشرية مدربة قادرة على المنافسة في سوق العمل، خاصة في مجالات العملين الفني والتقني، التي تسيطر عليها العمالة الوافدة. ولا شك أن الدور التأهيلي الذي تقوم به مراكز ومعاهد التعليم الفني والمهني في الدولة يسهم في رفع قدرات المواطنين التنافسية، سواء في القطاعين الحكومي أو الخاص، لأنها تركز على التدريب باعتباره عنصراً رئيسياً في تأهيل الملتحقين بها، حيث تعتمد على إقامة شراكة مع كثير من الهيئات وشركات القطاع الخاص ومؤسسات الأعمال في الدولة وذلك لتهيئتهم لمرحلة ما بعد الدراسة، بالشكل الذي يجعلهم على أتمّ الاستعداد للالتحاق بسوق العمل، خاصة في المجالات التي يتلقون فيها دورات تدريبية، ويكونون على إلمام كامل بمختلف مهاراتها، وهذا لا شك في أنه يجعلهم أكثر تنافسية في سوق العمل.
تجارب الدول المتقدمة في مجال التنمية تشير إلى أن التعليم بفرعيه المهني والفني كان أحد الركائز الأساسية وراء نهضتها وسر نجاحها، وهذا ما يدركه القائمون على التخطيط للتعليم في دولتنا، حيث يسعون إلى ضرورة أن تواكب مسيرة التعليم "المهني والفني" في الدولة الطفرة الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الدولة في السنوات الأخيرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.