يواجه بلدي الولايات المتحدة الأميركية تحديات عديدة، وهو يقف اليوم فعلياً على تقاطع طرق خطير لم يسبق له مثيل. تتمزق أميركا في هذا الاتجاه وذاك، يميناً ويساراً، من قبل أسر قديمة مؤسَّسة ومهاجرين جدد، ومن قبل الديمقراطيين والجمهوريين. تتعرض مصادر رزق المواطن الأميركي وصحته للخطر. وأتساءل باستمرار: أي طريق ستسلكه أميركا؟ هل نحو تشجيع الشمولية أم الاستثناء؟ الإنصات أم التجاهل؟ الاحترام أم عدم الاحترام؟ هنا تكمن أهمية "رحلة في أميركا: تحدي الإسلام"، وهو كتاب من تأليف أستاذ الجامعة الأميركية، "أكبر أحمد". سافر الأستاذ أحمد وفريق من الباحثين الأميركيين الشباب، وكنت منهم، في طول الولايات المتحدة وعرضها، فزاروا نحو 75 مسجداً و100 مدينة في رحلة لم يسبق لها مثيل لاكتشاف أميركا عبر عقول المسلمين وقلوبهم، ومن خلال عدسات المجموعات العرقية كافة في أميركا. بحث الفريق الهوية الأميركية مع مجموعة واسعة من الناس تتراوح بين مهاجرين جدد ونسل مهاجري الـMayflower، السفينة التي أتت بأول الأوروبيين إلى أميركا عام 1620. يغطي الكتاب جميع طبقات المجتمع الأميركي والهوية الأميركية التي يمكن للمرء تصورها. وبرأيي أنه يرسم أكثر الصور كمالاً وتكاملاً "للتجربة الأميركية" حتى الآن. يرى أحمد أن قدرات أميركا الكامنة لا يمكن أن تنتعش ما لم يشكّل الأميركيون، وبسرعة، من خلال عقولهم وقلوبهم هوية أميركية جديدة تؤكد المبادئ التي وضعها الآباء المؤسسون، لكنه لا يتجاهل الهويات التي تشكلت في الحقبة التاريخية الأميركية الحديثة. يتوجب على الأميركيين اليوم أن يتذكروا الرؤية الديمقراطية للآباء المؤسسين، خاصة في علاقتهم الحالية، العدائية والكارثية، مع العالم الإسلامي. نسي الأميركيون في عهد ما بعد الحادي عشر من سبتمبر أن بنجامين فرانكلين رحّب في القرن الثامن عشر برجال الدين المسلمين ليدعوا إلى الإسلام في مدينة فيلادلفيا، واستشهد بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- كمثال للرحمة والتعاطف. لقد نسوا أن توماس جيفرسون امتلك ترجمة للقرآن الكريم وقرأها وتعلم منها، وأن جون أدامز اعتبر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أحد "أكثر الباحثين عن الحقيقة وعياً ورزانة"، وأن جورج واشنطن رحّب بأناس من مجالات الحياة كافة بغض النظر عن الدين أو العرق. وبغض النظر عما إذا كنت توافق على نظريات ومفاهيم ومنهجيات وآراء الأستاذ أحمد وفريقه أم لا، فإن "رحلة في أميركا" يركز على قضايا تؤثر على جميع الأميركيين. وبينما يواجه الأميركيون تحديات لم يسبق لها مثيل، ليس فقط على تراب وطنهم وإنما في أنحاء العالم كافة، ليس هناك تحدٍ أكبر بالنسبة لأميركيين كثيرين من الأقلية المسلمة وعقيدتها الدينية. لكن قراءة هذا الكتاب قد تساعد الأميركيين على تقدير أحدث وأعظم للجالية المسلمة المتنوعة والنشطة والوطنية في أميركا.. كان كريغ كونسيدين عضو فريق مشروع "رحلة في أميركا" ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كومون جراوند" الإخبارية