"ساهم".. شراكة حضارية
حملة "ساهم" المجتمعية التي أطلقتها وزارة الداخلية، مؤخراً، بهدف زيادة الوعي بأهمية مكافحة ظاهرة مخالفي الإقامة وضرورة الإبلاغ عنهم، تدشّن مبدأ جديداً في التصدّي لهذه الظاهرة الخطرة، وهو الشراكة المجتمعية وتعزيز التعاون بين مؤسسات الدولة الرسمية ومنظمات المجتمع المدني في القضايا التي تمسّ أمن المجتمع واستقراره، حيث يشارك في هذه الحملة كل من "شركة أبوظبي للإعلام"، وبعض مؤسسات المجتمع المدني وأفراده.
لا شكّ في أن تعاون الإعلام ومنظمات المجتمع المدني مع وزارة الداخلية في هذه القضية يستكمل جانباً مهمّاً، وهو الوعي المجتمعي، الذي يشكّل بلاشكّ أهميّة كبيرة في أي مقاربة شاملة يتم وضعها لمواجهة هذه الظاهرة وتقليصها إلى الحدّ الأدنى، صحيح أن وزارة الداخلية لم تكن تتوانى في السابق في حثّ أفراد المجتمع على الإبلاغ عن أي مخالفين أو متسلّلين، إلا أن إشراك الإعلام ممثّلاً في "شركة أبوظبي للإعلام" والعديد من منظمات المجتمع المدني ضمن حملة علاقات عامّة تستهدف بالأساس زيادة الوعي بهذه الظاهرة يعدّ تطوّراً مهمّاً، لأنه يستكمل بقية حلقات السيطرة على هذا الملف الذي يشكّل تهديداً لأمن المجتمع واستقراره.
أهميّة هذه الحملة لا تقتصر على كونها تهتمّ بتوعية أفراد المجتمع بمخاطر هذه الظاهرة وحثّهم على عدم التردّد في الإبلاغ عن أي مخالف حال توافرت لديهم المعلومات، وإنما أيضاً لأنها تجسّد مبدأ مهمّاً، وهو أن الأمن مسؤولية المجتمع بأكمله، وأن مهمّة تحقيقه تتطلّب تعاون مختلف الجهات وأفراد المجتمع مع وزارة الداخلية، ففي قضية مثل "المخالفين والمتسلّلين" لها مخاطرها على أمن المجتمع واستقراره، فإن هناك ضرورة لتضافر جهود الجهات المختلفة وأفراد المجتمع، مواطنين ومقيمين، مع جهود وزارة الداخلية. خاصّة أن أحدث الإحصاءات الصادرة تشير إلى استمرار قدوم المخالفين والمتسلّلين إلى الدولة، حيث بلغ إجمالي عدد المخالفين الذين تمّ ضبطهم على مستوى الدولة خلال العام الماضي 2009 نحو 27 ألفاً و550 مخالفاً، إضافة إلى 2474 متسلّلاً فيما تمّ ضبط 69 شخصاً قاموا بإيواء متسللين أو تشغيلهم أو تهريبهم إلى الدولة وتمّت إحالتهم على القضاء، وهذا يعني أن هناك ثغرات ينفذ منها هؤلاء المخالفون والمتسلّلون إلى الدولة بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية، نتيجة للمساعدات التي يتلقونها من جانب بعض الأفراد أو المؤسسات التي تسعى إلى تشغيلهم مقابل أجور زهيدة، ما يعدّ ضرباً للجهود الأمنية الكبيرة التي تبذل في مكافحة هذه الظاهرة الخطرة التي لا تشكّل انتهاكاً لقوانين الإقامة والجنسية المعمول بها في الدولة وحسب بل وتمثّل أيضاً تهديداً لأمن المجتمع واستقراره، ولعلّ المتابع لما ينشر في الصحف المحلية من وقت لآخر سيكتشف حجم الجرائم التي يتورّط فيها هؤلاء المخالفون والمتسلّلون، كونهم يعيشون من دون رقابة ومن دون كفيل مسؤول عنهم.
ومع التسليم بأهميّة الجهود الأمنية التي تبذلها وزارة الداخلية لملاحقة هؤلاء المخالفين والمتسلّلين، وكذلك الإجراءات القانونية والتشريعية التي تتّخذها وزارة العمل لتغليظ العقوبات ضد كل من يتستّر عمداً أو يسهم في توفير مسكن أو عمل لمخالفي قواعد الإقامة بالدولة، إلا أن التوجّه إلى إشراك الإعلام وبعض منظمات المجتمع المدني ضمن حملة "ساهم" التي تنفّذها إدارة الإعلام الأمني بوزارة الداخلية خطوة حضارية سيكون لها مردودها الإيجابي في توحيد الجهود، وتركيزها في بوتقة واحدة تسهم في المواجهة الفاعلة لهذه الظاهرة.