توجّه اجتماعي مهم
الاهتمام بالأسرة وإعادة الاعتبار إلى دورها داخل المجتمع أصبح من الأولويات الملحّة التي تسعى إليها الدولة وقيادتنا الرشيدة، ولذا لا تألو جهداً في تقديم كافة التيسيرات التي تساعد شبابنا من المواطنين والمواطنات على بناء أسرة مستقرّة، وإزالة جميع العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف. وتبرز في هذا الخصوص فكرة "العرس الجماعي"، التي أصبحت تحظى باهتمام رسمي قوي في الآونة الأخيرة، فهي لا شكّ تعدّ توجّهاً اجتماعياً مهماً ينبغي العمل على تشجيعه والإكثار منه، لأنها تنطوي على مردودات اجتماعية واقتصادية بالغة الأهمية، تنعكس بشكل إيجابي على المجتمع. وفي هذا السياق شهدت مدينة العين، مؤخراً، "العرس الجماعي لموظفي الدوائر الحكومية"، الذي شمل زفاف 824 شاباً، وهو العرس الجماعي الرابع من نوعه الذي تشهده الدولة منذ بداية العام الجاري، ومن المقرّر أن تشهد مناطق أخرى أعراساً جماعية خلال النصف الثاني من العام الجاري.
إحدى الإيجابيات المهمّة للعرس الجماعي أنه يتصدّى لواحدة من الإشكاليات التي كانت تقف أمام بناء أسرة جديدة، وهي التكاليف المرتفعة والمبالغ فيها لتأسيس مسكن للزواج، والتي كانت تدفع كثيراً من الشباب إلى الاقتراض والاستدانة من البنوك، وما يترتب على ذلك من مشكلات وخلافات تلقي بظلالها السلبية على الأسرة. وهنا تظهر أهميّة العرس الجماعي، فهو يوفر جزءاً كبيراً من هذه النفقات، وهذا لا شكّ يشجّع الشباب المواطنين على الزواج من المواطنات، وتخلّيهم عن فكرة الزواج بأجنبيات، التي انتشرت في الآونة الأخيرة، بدعوى أن ذلك لا يكلّفهم كثيراً، رغم أن هذا الزواج تكلفته الاجتماعية أخطر بكثير، خاصة إذا كانت الزوجة تنتمي إلى ثقافة مغايرة لخصوصيتنا الثقافية وقيمنا الاجتماعية. وإذا كان بعضهم يعوّل كثيراً على العرس الجماعي في التصدّي لهذه الظاهرة، فمن المهم أيضاً استغلال الفعاليات والمحاضرات التثقيفية التي تواكب حفلات العرس الجماعي في العمل على تثقيف شبابنا من المواطنين والمواطنات وتوعيتهم بأهميّة بناء الأسرة، وإمدادهم بالخبرات والمهارات اللازمة للتعامل مع المشكلات التي قد تواجههم في المستقبل، حفاظاً على كيان هذه الأسرة وترسيخ أركانها لتصير قوة دفع لجهود التنمية الشاملة في الدولة. "العرس الجماعي" كذلك يعبّر عن قيم وأعراف مهمّة تميّز الشعب الإماراتي عن غيره من شعوب العالم، وهي قيم التضامن والتلاحم الاجتماعي.
لقد وضعت الوثيقة الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة لعام 2021 هدف بناء أسرة متماسكة في مقدّمة أهدافها، وارتأت أن تحقيق ذلك الهدف لن يتم إلا من خلال تشجيع الزواج بين الإماراتيين وتقليص نسب الطلاق المرتفعة، وهذا الهدف يمكن تحقيقه في ظل الدعم المتواصل الذي توليه قيادتنا الرشيدة لشبابنا لبناء الأسرة، وفي ظل التزام مؤسسات الدولة المختلفة تقديم كافة أوجه المساعدة للشباب والتيسير عليهم. ويبرز في هذا الشأن "صندوق الزواج"، الذي تم إنشاؤه عام 1992، ليعكس السياسة الاجتماعية التي أرسى دعائمها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فهذا الصندوق أخذ على عاتقه بناء أسرة إماراتية متماسكة ومستقرّة، من خلال تقديم الدعم المادي والتوعوي للمقبلين على الزواج والمساهمة في تكوين الأسرة الإماراتية القائمة على أسس سليمة لتحقيق التماسك والاستقرار، وتعزيز مبدأ الشراكة المجتمعية مع القطاع الخاص لتمويل برامج الصندوق وخططه لزيادة إقامة الأعراس الجماعيّة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية