تساءل د. السيد ولد أباه في عنوان مقاله: "لماذا لسنا حداثيين؟"، وهو سؤال يبدو لي قيميّاً، بعض الشيء، إذ قد يفهم منه ضمناً أن الحداثة أصبحت غاية في حد ذاتها، وأن علينا نحن العرب أن نبذل كل ما يلزم من جهد لكي تتحقق لنا تلك الغاية- القيمة، أعني أن نكون حداثيين! ولكن ليسمح لي الكاتب لكي أقول بصراحة إن الحداثة ليست أبداً غاية في حد ذاتها، وإننا نحن العرب إن وجدنا طريقة ما للتنمية والتقدم الاقتصادي دون اقتران ذلك بحصول حداثة قيمية أو ثقافية، فلا بأس. كما أود أيضاً التوضيح بأن الحداثة مقولة غربية، أو بكلمة أدق أوروبية، تشير إلى بداية اندحار عصور الظلام، والعالم الذهني والثقافي والقيمي القروسطي الذي رزحت القارة الأوروبية في إساره لقرون مديدة. ومثلما اقترنت الحداثة في أذهان الأوروبيين بتجاوز المراحل الظلامية من تاريخهم وبداية عصر الأنوار والتقدم والنهضة، ارتبطت أيضاً في أذهان الآخرين بأحلام النهضة والتقدم والتنمية. وإن كان هذا منطقيّاً، إلا أنه أيضاً ينبغي ألا يحجب حقيقة الطابع التاريخي، والخصوصية الأوروبية في هذا الأمر، وهي خصوصية ليس بالضرورة أن نستنسخها. عزيز خميس - تونس