في المعارك.."سي.آي.إيه"!
في نزاعاتنا المسلحة الحالية، هناك نوعان من عمليات القصف الجوي التي تنفذها قواتنا ضد العدو. تتولى قواتنا المسلحة النوع الأول منهما، بينما يقوم بالثانية عملاء وكالة "سي. آي. إيه"، ففي كل يوم تقوم عناصر الوكالة المركزية ومقاولوها بتنفيذ ضربات جوية بواسطة الطائرات من دون طيار في مناطق القتال الأفغانية والباكستانية، بما فيها منطقة القبائل، بهدف البحث عن عناصر تنظيم "القاعدة" وحركة "طالبان"، والقضاء عليهم. ووفقاً لنصوص وقواعد القانون الدولي المنظم للنزاعات المسلحة، فإن عناصر "سي. آي .إيه" هؤلاء يعتبرون مقاتلين غير شرعيين، تماماً مثل العناصر المتمردة التي يقاتلونها، وهي تصنف أيضاً ضمن فئات المقاتلين غير الشرعيين. ذلك أن مقاتلي "سي. آي. إيه" لا يرتدون الزي العسكري المميز لهم، كما لا يضعون على ملابسهم أي علامات عسكرية مميزة، وهذان أمران في غاية الأهمية في نصوص قانون الحرب التي تطالب المحاربين بارتداء الزي ووضع العلامات العسكرية المميزة، حتى لا يختلط العسكريون بالمدنيين في النزاعات المسلحة.
وقبل قانون "لايبر" لعام 1863 الذي حرم مشاركة المدنيين في القتال، كانت هذه المشاركة منافية للقانون العرفي. واليوم فقد حرمت بروتوكولات 1977 الخاصة بمعاهدة جنيف لعام 1949 مشاركة المدنيين في الحروب. وعلى رغم عدم مصادقة الولايات المتحدة على تلك البروتوكولات، فقد تحولت هذه الأخيرة إلى عرف ملزم لجميع الدول. وسواء في النزاعات المسلحة الدولية أم خلاف ذلك، فنحن نقتل الإرهابيين لأن استخدامهم للعنف يتنافى ووضعهم الطبيعي باعتبارهم أفراداً مدنيين، ويجعل منهم أهدافاً مشروعة للعمل المسلح ضدهم. وينطبق الأمر نفسه على عناصر "سي آي إيه" المدنيين المقاتلين ولا يغير في هذه الحقيقة شيئاً كون هذه العناصر تعمل لصالح الحكومة الأميركية، أو أن لها صلة بالقوات المسلحة.
أكثر من ذلك، ربما تكون لهذه العناصر المدنية التي تشارك بشكل متكرر في النزاعات المسلحة، مهمة مستمرة مثل تلك التي حددتها الشروط الواردة في مرشد جمعية الصليب الأحمر الدولية عن "المهمة المستمرة". وفي حال القبض على هذه العناصر المدنية المقاتلة، فإن من الشرعي اتهامها أمام المحاكم المدنية أو العسكرية، ولا يحق لها التمتع بحقوق ووضعية أسرى الحرب.
وفيما لو قتل أحدهم على يد أحد الانتحاريين في مدينة خوست أو ساحة أخرى من ساحات القتال الأفغانية أو الباكستانية، جراء مشاركته المباشرة في تزويد الطائرات المقاتلة بالمعلومات عن الأهداف، أو في تسليح الطائرات نفسها وتجهيزها لتنفيذ ضربة جوية على العدو المتمرد، فإن تلك الأفعال القتالية تجعل منه هدفاً لعدو لا يتمتع بالشرعية.
وبالعودة إلى تعريف "المهمة المستمرة" التي نص عليها "مرشد الصليب الأحمر الدولي"، فإن ذلك الوضع يجعل المدنيين المقاتلين هدفاً مشروعاً، أينما ووقتما وجدوا، حتى وإن كانوا من عناصر "سي. آي إيه". وفي حين يستبعد تقديم أي من عناصر الوكالة أمام المحاكم المدنية بأي اتهامات لها صلة بالحروب، فإن وضعهم الذي ذكرنا من قبل، الذي يحرمهم من التمتع بحقوق أسير الحرب، في حال إلقاء القبض عليهم، يجب ألا يكون مرغوباً بالنسبة لهم، لكنه مرغوب دون شك لرؤسائهم فيما يبدو.
جاري سوليس
------
أستاذ مساعد بمركز القانون بجامعة "جورج تاون"
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست"