لماذا، ولمن تُصفُّ هذه الخطوط الطويلة من لبن الآجور؟ ليس ذلك هو السؤال الأهم في هذا المقام، فالسلعة إنما تستدعيها أصلا احتياجات السوق، ومقدمو الطلبات من مقاولين وأصحاب بيوت تحت الإنشاء... هم من يدفع حركة الطلب في السوق. أما السؤال الأكثر أهمية هنا فهو سؤال الإنسان، أو بالأحرى سؤال الأنامل الناعمة وهي تتعامل مع الطوب، تحمل أثقاله وترتب أوضاعه في خطوط طويلة ممتدة بالتوازي! في إحدى ورشات صناعة الطوب واللبن الآجوري قرب إسلام آباد، اعتادت هذه المرأة الباكستانية مزاولة عملها هنا منذ أعوام، حيث يتعين عليها يومياً أن تعيد رص الطوب وتغيير أماكنه كلما جفّ إلى درجة كافية لا يعود معها عرضة للكسر أثناء نقله، كي تُخلي مكانه لطوب جديد ما يزال طرياً، إلى أن يجف هذا بدوره. كما يتعين عليها أيضاً أن تهتم بعرض البضاعة على نحو متناسق يشد أنظار الزبائن. أما ما لا يظهر في الصورة فهو حقيقة أن آلاف "النواعم" الباكستانيات يعملن في هذه المهنة، وأنهن على الخصوص زاولنها طوال الأسبوع الماضي دون توقف أو إجازة، بينما كان العالم يحتفل بيوم المرأة في جميع أنحاء المعمورة! لكن لمن تكدح المرأة خارج "أسطورة السوق"؟ ولماذا تزاول أعمالا تشق بأقوى الرجال وأشدهم خشونة، لولا إلحاح شدة الحاجة ومخافة ذل السؤال؟