أولويات متباينة!
لايزال الانقسام بين النخبة والشارع، بين الجمهور العام والطبقة السياسية، بين "أهل الرأي" وعامة الناس... حقيقة واقعية أقوى من كل الخطابات الطوباوية والدعايات الديماغوجية، لاسيما في حمأة المنافسات الانتخابية والصراعات الحزبية!
وهنا في "ميدان التحرير" وسط العاصمة العراقية بغداد، تتجلى مرة أخرى حقيقة التمايز بين عالمين، عالم الصور والألوان الزاهية والبدلات الأنقية والأتيكيت النسائي الراقي... وعالم أُناس يعتمدون على جهدهم البدني، مستخدمين وسائل تعود إلى ما قبل الثورة البخارية لكسب عيشهم!
المناسبة بالنسبة للنخبة هي الانتخابات البرلمانية العراقية الحالية، أما بالنسبة للعامة فما من مناسبة غير رحلة الكد اليومي، ولا جديد تحت الشمس. ربما اعتاد هؤلاء الرجال الثلاثة المرور هنا يومياً، وقبل الانتخابات، بعربتهم التي يجرها حصان. أما صراعات القوى السياسية ومعارك المحاصصة والإقصاء والاستئصال... فقد لا تعني لهم الشيء الكثير في ظل حصاد الخيبات الكبيرة عقب المواسم الانتخابية السابقة. فدعايات الساسة لم توفر فرص العمل، ولم تجلب الكهرباء والماء، ولم تؤمّن غاز الطهي وحبة الدواء وكسرة الخبز..! وتلك أولويات عالم الجمهور العراقي، بينما للنخبة السياسية أولوياتها التي تجتهد في إخفائها بقدر ما توزع مزيداً من الملصقات الانتخابية، مزينة بالصور والشعارات، في كل موطئ قدم وحافر من بغداد!