ما نشرته صحيفة "الإمارات اليوم"، مؤخراً، حول قيام بعض المدارس الخاصة برفع الرسوم الدراسية دون الرجوع إلى وزارة التربية والتعليم يسلط الضوء بوضوح على ظاهرة المخالفات والتجاوزات التي أصبحت منتشرة في هذه المدارس، وبالشكل الذي يثير التساؤل حول مدى التزام هذه المدارس قرارات وزارة التربية والتعليم في هذا الشأن؟ فقد أشارت الصحيفة إلى ‏أن أولياء أمور في مدارس خاصة في أبوظبي اشتكوا ما اعتبروه تحايلاً من إدارات المدارس عليهم، بزيادة الرسوم الدراسية بشكل مفاجئ خلال العام الدراسي، متذرعة بتنظيم أنشطة طلابية ثقافية وترفيهية مختلفة. ما يلفت الانتباه هنا أن قرار زيادة الرسوم الدراسية جاء دون الحصول على موافقة وزارة التربية والتعليم، وهذا يعد مخالفاً للوائح والقوانين المعمول بها، والتي تشير إلى أنه ليس من حق المدارس الخاصة زيادة رسومها الدراسية دون الرجوع إلى الجهات التربوية المتخصصة، كوزارة التربية أو المناطق والمجالس والهيئات التعليمية التي يتعيّن على المدارس الحصول على موافقة رسمية منها بقيمة الزيادة المحددة، وفقاً لمستوى الخدمات التي تقدمها. الواقع أن مخالفات بعض المدارس الخاصة أصبحت لا تتوقف عند هذا الحد، فالقائمة تتسع إلى المزيد منها، وإذا كانت النوعية السابقة من المخالفات تستهدف بالأساس زيادة الربح المادي، فإن هناك مخالفات أكثر خطورة، كونها تمس بشكل مباشر جوهر العملية التعليمية ومضمونها، حيث تلجأ بعض المدارس الخاصة إلى الاستعانة بمعلمين غير مؤهلين، ويفتقرون إلى الحد الأدنى من التأهيل اللازم للقيام بمهمة التدريس، في السياق نفسه فإن بعض المدارس الخاصة تتلاعب بشكل واضح في درجات التقويم التي تمنحها لطلبتها، حيث يبدو الفرق شاسعاً بين درجات تقويم الطلبة ودرجات الامتحانات النهائية، فكما أشارت الصحف المحلية مؤخراً فإن نسبة درجات التقويم للطلبة في بعض المدارس وصلت إلى 90 في المئة في حين أن نسبة درجة الامتحانات لم تتجاوز 10 في المئة، الأمر الذي يعني معه أن عملية التقويم المستمر التي تتحكم فيها إدارة المدرسة غير عادلة، وتهدر قيم التكافؤ والمساواة، وتضيع حق المجتهدين من الطلبة. إن استمرار هذه المخالفات والتجاوزات وتكرارها عاماً بعد الآخر من جانب المدارس الخاصة يتطلب من الجهات المعنية وقفة حازمة، لتصحيح مسار هذه المدارس، كي تقوم برسالتها التربوية باعتبارها طرفاً وشريكاً رئيسياً في العملية التعليمية في الدولة، هذه الوقفة تتطلب معالجة الثغرات التي تنفذ منها المدارس الخاصة، لتعظيم مكاسبها، لأن التساهل في التعامل مع المخالفات التي ترتكبها يشجعها على الانحراف عن مضمون العملية التعليمية، والذهاب بعيداً عن رسالتها التربوية لمصالح أغراض تجارية بحتة. وإذا كانت الدولة سمحت للقطاع الخاص بالاستثمار في قطاع التعليم، ووفرت له الفرص والتسهيلات كلها التي تمكّنه من القيام بدور الشريك الرئيسي في العملية التعليمية، فإن الأمر يحتاج الآن إلى وقفة صارمة من قبل المسؤولين حتى لا تتحول بعض مدارس القطاع الخاص إلى مجرد مشروع تجاري فقط، من الضروري وضع معايير رقابية صارمة، تجعل من هذه المدارس شريكاً فعلياً وحقيقياً في الارتقاء بمضمون العملية التعليمية وأهدافها في الدولة، وأن تكون قادرة على تنفيذ الاستراتيجية الجديدة لوزارة التربية والتعليم (2010-2020) التي أُعلنت مؤخراً، وتستهدف إعداد الطلاب لبيئة العمل المستقبلية باعتبارهم الثروة الحقيقية للوطن في حاضره ومستقبله. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية