لا تألو الدولة جهداً في تشجيع النشء والشباب على الاطلاع على الثقافات والمعارف المختلفة، على اعتبار أن ذلك من شأنه توسيع مداركهم وإلمامهم بمختلف العلوم العصرية الحديثة، ويصبّ في نهاية المطاف في خدمة العملية التعليمية والتنموية في آن معاً. ومن هنا تبرز قيمة المبادرة الكريمة للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي وجّه من خلالها "هيئة أبوظبي للثقافة والتراث" بدعم مشتريات الأطفال والشباب وطلبة المدارس والجامعات من "معرض أبوظبي الدولي للكتاب" بما قيمته 4 ملايين درهم، الذي يقام تحت رعاية كريمة من سموه خلال الفترة من 2 لغاية 7 مارس الجاري. هذه المبادرة تعكس بوضوح الاهتمام الذي توليه الدولة لتربية النشء والشباب على حب القراءة والاطلاع على الثقافات المختلفة، وذلك في إطار حرصها على إيجاد جيل واعٍ ومثقفٍ وملمٍّ بأحدث المعارف والعلوم، يشكل فيما بعد الركيزة اللازمة لتنفيذ خطط التنمية ومتطلباتها من ناحية، ويكون قادراً على التواصل مع الثقافات الأخرى والاستفادة منها من ناحية ثانية؛ وذلك من منطلق الإيمان بأهمية هذه الثقافات وتقدير دورها في تشكيل وعي الأمم وخبراتها ومداركها، وبما تمثله من جسر للتفاهم والتعارف بين الأمم والشعوب. فهذا هو أحد أهم أهداف هذه المبادرة التي تعد إحدى الآليات المهمة التي تسهم في تشجيع الطلبة على القراءة والتزوّد بما يستجد من العلوم والمعارف المتوافرة في أحدث الإصدارات. كما أن هذه المبادرة تجسد بوضوح الفلسفة التي تنتهجها الدولة في الارتقاء بالعملية التعليمية وبمضمونها، فتشجيع النشء والشباب على الانخراط في القراءة لا ينفصل عن الارتقاء بالعملية التربوية والتعليمية، التي لم تعد مقتصرة على المناهج التي يتم تدريسها للطلاب فقط، وإنما صارت أقرب إلى المعارف الشاملة التي ينهل الطلاب من فروعها المختلفة، وبالشكل الذي يسهم في إكسابهم القدرات والخبرات اللازمة لخوض تجربة الحياة العملية. وهذا لا شك يتكامل مع الخطط والسياسات الأخرى التي تنتهجها الدولة، وتستهدف من ورائها تطوير التعليم ودعم البحث العلمي. أحد الجوانب المهمة الأخرى لهذه المبادرة أنها ترتبط بـ"معرض أبوظبي الدولي للكتاب"، الذي أصبح يقوم بدور مهم في إثراء الحياة الثقافية ونهضتها بوجه عام، بل إنه تحوّل إلى تظاهرة ثقافية عالمية بارزة ومَعلَم ثقافي مميز لدولة الإمارات، بما يشمله من فاعليات مختلفة، فمعرض هذا العام يستضيف أكثر من 1200 شخصية من المعنيين بشؤون التراث والثقافة والأدب والفكر والإعلام من جميع أنحاء العالم، فضلاً عن آلاف الشخصيات الثقافية المدعوة من داخل الدولة وخارجها، كما تتضمن فعالياته حفل إعلان الفائز بـ"الجائزة العالمية للرواية العربية"، وكذلك توزيع "جائزة الشيخ زايد للكتاب". لقد حققت مبادرة سمو ولي عهد أبوظبي لدعم القراءة نتائج طيبة على مدار السنوات السابقة، على الصعيدين الثقافي والعلمي للطلاب، وأوجدت قناعة لدى النشء والشباب بأن القراءة والثقافة هما المدخل للتعليم الجيد الذي يعد بدوره ركيزة التنمية والتقدم، وهذا يشير بوضوح إلى أن دولتنا الفتية على موعد مع المستقبل في أن تكون واحدة ضمن أفضل النظم التعليمية المتطورة في العالم، بفضل هذا الدعم المتواصل واللامحدود من جانب قيادتنا الرشيدة.