الصحافة البريطانية
خيبة أمل بعد قمة كوبنهاجن... وثقة مفقودة في بريطانيا
-------
قمة المناخ في كوبنهاجن، والفوضى في الصومال، وتقييم أداء أوباما، وفقدان الثقة في السياسات المالية البريطانية... موضوعات نعرضها لكم ضمن إطلالة أسبوعية على الصحف البريطانية.
--------
بداية الطريق:
في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي تحت عنوان "محصلة قمة كوبنهاجن مخيبة للآمال ولكن إذا ما عملنا بجد سنستطيع تحقيق التقدم"، قالت "الأوبزرفر" إن معظم العالم كان يتوقع أن يتمكن المجتمعون في قمة كوبنهاجن للتغير المناخي من التوصل لمعاهدة، ولكن كل ما انتهوا إليه هو مجرد اتفاق غير ملزم، وذلك على الرغم من المفاوضات المكثفة التي استمرت لعام ونصف العام قبل انعقاد القمة. وعلى الرغم من أن هذا التفاهم لا يتناسب مع جسامة المشكلة المناخية في نظر الصحيفة إلا أنها تعتبره نوعا من الحل الوسط الذي يختلف في رأيها عن الفشل.
فهي ترى أن هذا الاتفاق غير الملزم يعبر في حد ذاته عن وجود إجماع بين قادة الدول الكبرى في العالم على عدم السماح بأي حال من الأحوال لدرجة الحرارة بأن ترتفع فوق معدل درجتين مئويتين، وأن تحقيق هذا الهدف يتطلب إجراء خفض كبير في الانبعاثات الكربونية، وأن الآليات التي يتم استخدامها لتحقيق ذلك يجب ألا تكون معوقة للنمو الاقتصادي وخصوصاً في دول العالم النامي.
ودعت الصحيفة في الوقت ذاته لمواصلة الحوار بين كبار الدول لأن ذلك هو السبيل الوحيد للاتفاق على معدلات الانخفاضات الكربونية والسبيل الوحيد أيضاً للتوصل إلى معاهدات بين دول ذات أهداف استراتيجية مختلفة جد الاختلاف.
دولة فاشلة:
في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي التي حملت عنوانا فرعياً هو"تأسيس القانون وإطعام الجوعى أمر مهم لأمن الغرب"، ترى الصحيفة أن الصومال يمثل نموذجاً للدول الفاشلة في عالم اليوم، ولما يمكن لمثل هذه الدول أن تشكله من خطر وتهديدات إقليمية وعالمية. وبعد أن تناولت تاريخ الدولة الصومالية المعاصرة وصولاً إلى اللحظة الراهنة، تخرج الصحيفة بخلاصة مؤداها أن مقاربة الغرب للصومال على مدار كل تلك السنوات كانت تتصف بالتخبط والارتباك، وأنها تضمنت سلسلة من الأخطاء الفادحة كان آخرها القرار الذي اتخذه بوش بالوقوف إلى جانب أمراء الحرب في صراعهم ضد قوات المحاكم الإسلامية تحت زعامة شيخ شريف شيخ أحمد، وكيف أنها وقفت وراء التدخل الإثيوبي في الصومال، وكيف أن هذا التدخل قد ساعد على تقوية شوكة الإسلاميين على عكس ما حدث في تجربة مماثلة في العراق. وبعد أن أوضحت الافتتاحية بالتفصيل الكيفية التي انقلب بها"شباب المجاهدين" على "المحاكم الإسلامية"، وانتشار حالة من الفوضى العارمة جراء ذلك، خلصت إلى نتيجة مؤداها أن الفوضى وفشل الدولة في الصومال لا يمثل فقط كارثة على سكانها ولا تهديداً للدول المجاورة وإنما على الأمن الإقليمي وخصوصاً البحري في منطقة القرن الأفريقي ذات الأهمية الاستراتيجية البالغة، إضافة بالطبع إلى أن ظروف الفوضى وغياب سلطة الدولة توفر ملاذاً مثالياً لعناصر "القاعدة" التي تتم في الوقت الراهن مطاردتها في الكثير من المناطق وعلى وجه الخصوص أفغانستان وباكستان والعراق، وأن الأمر يستتبع مقاربة مختلفة تقوم على مساعدة ماتبقى من الحكومية الصومالية على إرساء القانون والنظام، وتقديم المساعدات الإنسانية، وقبل ذلك فتح طرق إمداد لتوصيل تلك المساعدات للجوعى والمشردين.
" فقدان الثقة":
في التحليل الذي نشره في صحيفة "الجارديان" يوم الثلاثاء الماضي، أشار "لاري إليوت" المحرر الاقتصادي بالجريدة إلى أن تقديرات جديدة تم نشرها تفيد أن الركود الحالي في بريطانيا هو أكبر من الركود الذي ساد في بداية ثمانينيات القرن الماضي، وذلك بعد انخفاض الطاقة الإنتاجية بنسبة 6.03 في المئة. وأشار كاتب التحليل في هذا الصدد الى تصريح أدلى به "تيري سميث" المدير التنفيذي لشركة "تاليت بريبون" العاملة في مجال السمسرة المالية، والذي أشار فيه إلى احتمالات انهيار الثقة المالية في بريطانيا، وذلك بعد الضربة المزدوجة التي تلقاها براون الممثلة في تحذير جديد من هيئة تقييم الأداء المالي والائتماني لبريطانيا بشأن العجز في الميزانية، والممثلة أيضا في الأرقام التي تشير إلى أن الركود الذي ساد خلال الثمانية عشر شهرا الماضية هو الأسوأ منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي، وأن ذلك يكذب -على حد قول"فيليب هاموند" وزير الخزانة في حكومة الظل كافة الادعاءات التي يقدمها براون، والتي كان يقول فيها إن بريطانيا سوف تقود العالم على طريق الخروج من الركود الحالي، كما يقدم دليلًا واضحاً على أن سياساته قد فشلت، وأن بريطانيا في حاجة ماسة لتغيير توجهها الاقتصادي .
" لا... لا نستطيع"
اختار "أدريان هامليتون" عنواناً دالًا لمقاله المنشور أمس الأربعاء بالاندبندنت وهو" من نعم... نستطيع إلى لا... لا نستطيع"، وهو يشير بالطبع إلى الشعار الذي استخدمه أوباما خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تلك الانتخابات التي جاءت به إلى البيت الأبيض في صورة الزعيم المفعم بالطموح، والمبشر بالتغيير، والموحي بالقدرة على الإنجاز.. قبل أن يجد نفسه غارقا بعد ذلك في خضم المشكلات التي عاني منها سلفه، بل ومن سبقوه أيضاً. وعندما بدأ في تطبيق سياسته التي وعد أنها ستحل كل شيء، لم يكن هناك فرق كبير بين تلك السياسات وبين سياسات سابقيه. وعلى الرغم من أوباما في نظر الكاتب لن ينتهي به الأمر بأن يوضع في السلة نفسها التي يوضع فيها رجال من أمثال بوش الابن، إلا أنه سينتهي في منزلة تاريخية لا تختلف كثيراً عن منزلة جورج بوش الأب الذي كان هو الآخر رجلًا على قدر كبير من الدماثة في التعامل، ويحمل قدراً كبيراً من النوايا الحسنة، بيد أنه لم ينجح مع ذلك في إحداث تغيير ملموس. فلم ينتخبه الأميركيون لفترة ولاية ثانية، وانتهى به الحال رئيساً عادياً ضمن قائمة الرؤساء الأميركيين. وفي رأيه أن أوباما سوف ينتهي به الحال لأن يدرج في هذا الصف من الزعماء فهو في نظره ليس رئيساً كبيراً ذلك لأن الزعماء الكبار بحسب المقولات الشائعة هم الذين يصنعون المناخ السائد، أما أوباما فقد تعطل بسبب بعض مظاهر هذا المناخ".
إعداد: سعيد كامل