لمسات أخيرة للإفراج عن شاليط... ودلالات زيارة الحريري لسوريا إطلاق سراح شاليط بات وشيكاً، ودعوة لتغيير التعامل مع إيران، وانتعاش الاقتصاد الفلسطيني، وأصداء زيارة سعد الحريري إلى سوريا... قضايا نسلط عليها الضوء ضمن قراءة موجزة في الصحافة الإسرائيلية "كفى تردداً حول شاليط": طلب وجهته صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء إلى اللجنة الوزارية المكلفة بالتفاوض من أجل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير، جلعاد شاليط، وطي هذا الملف الذي امتد لفترة طويلة دون نتيجة، ويبدو كما تقول الصحيفة أن بوادر الحل التي بدأت تلوح في الأفق ما كان لها أن تتجسد وتصبح قاب قوسين أو أدنى من التحقق لولا ضغط الوسيط الألماني الذي يشرف على المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل و"حماس". وفي هذا الإطار تُحمل الصحيفة مسؤولية هذا التأخر في إنجاز الاتفاق والذي استمر لأكثر من ثلاث سنوات إلى التجاذب الداخلي في السياسة الإسرائيلية، إذ رغم المحاولات التي بذلتها الحكومة السابقة برئاسة، إيهود أولمرت، للإفراج عن جلعاد شاليط ظلت مشكلة إرضاء الأطراف جميعاً عائقاً أساسياً، لا سيما اليمين وبعض الجهات المتنفذة داخل المؤسسة العسكرية التي ظلت ترفض إطلاق سراح من تلطخت أيديهم بدماء الإسرائيليين، بحيث ارتهنت الحكومة السابقة والحالية للمطالب الشعبية على حساب المصلحة العليا للوطن التي يُفترض تقريرها من قبل الحكومة المنتخبة. ولا يمكن، حسب الصحيفة، إعفاء مسؤولية الحكومة عن الجمود الذي لحق بملف شاليط طيلة هذه المدة من المراوحة والتردد في اتخاذ القرار الحاسم، ومهما قدم المسؤولون من تبريرات مثل انتظار الوقت المناسب وفرض حصار قاس على قطاع غزة تبقى النتيجة هي استمرار شاليط في الأسر يتم الرضوخ أخيراً إلى المطالب ذاتها التي تقدمت بها "حماس" منذ البداية. "التعامل مع إيران": كتب المعلق الإسرائيلي "زفي بارئيل" مقالا يوم الأحد الماضي بصحيفة "هآرتس" يتحدث فيه عن الطريقة الأمثل للتعامل مع إيران على ضوء ما يُروج له في المحافل الغربية من أنها تشكل خطراً ماحقاً يهدد الغرب وإسرائيل، وينطلق الكاتب في ذلك من الإشادة التي جاءت على لسان رئيس المخابرات العسكرية في إسرائيل "عموس يادلين" لسوريا باعتبارها "دولة علمانية تختلف عن إيران، أو "حزب الله"، أو "حماس"، فهذا التصريح يفترض أن إيران دولة دينية متشددة تفتقد للعقلانية ولا تهتدي بالمصالح البرجماتية في تحديد سياستها الخارجية، وهو ما يعارضه الكاتب معتبراً أن الجمهورية الإسلامية على غرار باقي الدول تولي مصالحها الخاصة اهتماماً خاصاً ولا تقدم الأيديولوجية على حساب المصلحة العامة وما الصورة السلبية التي ترسخت حول إيران طيلة العقود السابقة إلا للأحداث الكبرى التي تطبعت تاريخها المعاصر بدءا من الثورة الإسلامية التي فاجأت العالم، وقضية الرهائن الأميركيين، وليس انتهاء بالانتخابات الرئاسية الأخيرة وما أعقبها من حركة احتجاجية نشطة تقودها المعارضة. هذا السياق التاريخي المعقد، يقول الكاتب، جعل أي تطور عملي، أو تقني تعرفه إيران سواء في مجال الأسلحة والصواريخ، أو حتى تكنولوجيا السيارات ينظر إليه في الغرب، وإسرائيل على وجه الخصوص، بالكثير من الشك والريبة. والحل في نظر الكاتب ليس تبني سياسة متشددة تجاه إيران ثبت إلى حد الآن فشلها، بل تغيير نظرتنا إليها والتعامل معها كدولة عقلانية بالاعتراف بها كقوة إقليمية بدل التعاطي معها كتهديد، في أفق تحويلها إلى أية دولة أخرى تملك تكنولوجيا نووية مثل باكستان والهند وحتى إسرائيل. الاقتصاد الفلسطيني: خصصت "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي للحديث عن الوضع الفلسطيني فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والمادي، لا سيما في الضفة الغربية، مشيرة في هذا الصدد إلى الانتعاش الاقتصادي الذي يعيشه الفلسطينيون في مدن الضفة الغربية والتحسن الملموس في ظروفهم المعيشية، وهو ما أقره رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية، سلام فياض، عندما تحدث عن توقعات لنمو الاقتصاد الفلسطيني في السنة المقبلة. وتوثق الصحيفة هذا الانتعاش بإيراد مجموعة من الأرقام والمعطيات حيث وصل عدد الفلسطينيين الذين يتمتعون بتصاريح عمل داخل إسرائيل إلى 47 ألف فلسطيني، كما يتوفر 1500 من أصحاب الأعمال الفلسطينيين على تصاريح خاصة من درجة رجال الأعمال تتيح لهم التنقل داخل إسرائيل بكل حرية، هذا في الوقت الذي تراجعت فيه نسبة البطالة إلى 18 في المئة مقارنة بـ 40 في المئة بقطاع غزة واستمرار تدفق الاستثمارات الخارجية وارتفاع مؤشر سوق الأسهم المحلية. وتعدد الصحيفة المشاريع الأخرى المُنجزة في الضفة الغربية مثل دخول شركة ثانية لتشغيل الهاتف المحمول إلى السوق وارتفاع مبيعات السيارات، فضلاً عن انتعاش القطاع السياحي بعدما استقبلت بيت لحم لوحدها أكثر من مليون سائح خلال العام الماضي فقط فيما تجاوز حجم الصادرات والواردات في الضفة الغربية 3.4 مليار دولار خلال السنة الجارية، لكن رغم تحسن الظروف الاقتصادية داخل الأراضي الفلسطينية تشير الصحيفة إلى نتائج استبيان أنجزه المركز الفلسطيني للسياسة والأبحاث الذي يترأسه "خليل شقاقي" من أنه في حالة مشاركة مروان البرغوثي في الانتخابات الرئاسية القادمة، فإنه سيحصل على 67 في المئة من أصوات الفلسطينيين مقابل 28 في المئة لإسماعيل هنية فيما ستصل نسبة المشاركة إلى 73 في المئة لتخلص الصحيفة إلى استمرار الفلسطينيين على موقفهم الرافض للتنازل السياسي رغم الرخاء الاقتصادي. "انتصار كبير لسوريا": بهذا العنوان استهل الكاتب الإسرائيلي "روي ناهمياس" مقاله المنشور يوم الأحد الماضي بصحيفة "يديعوت أحرنوت" متطرقاً فيه إلى الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، إلى سوريا واستقباله من قبل الرئيس السوري، بشار الأسد، في القصر الرئاسي بدمشق وما تحمله هذه الزيارة من أبعاد ودلالات. فحسب الكاتب لا تختلف الزيارة كثيرا عما دأب عليه السياسيون اللبنانيون ورؤساء الوزراء السابقون الذين مروا كلهم من قصر الرئاسة في دمشق باعتبارها محطة مهمة لنيل الدعم والمباركة، وسعد الحريري بعد معركة داخلية مريرة مع القوى المؤيدة لسوريا وبعد جولات من الصراع جمدت الحياة السياسة في لبنان وكادت أن تصل إلى تهديد الأمن والاستقرار أدرك صعوبة الرقم السوري في المعادلة الإقليمية، هذا الرقم الذي تعزز أكثر بعد الانفتاح الملحوظ للغرب على سوريا والزيارة التي قام بها الرئيس بشار الأسد إلى باريس، فضلا عن الإشارات الإيجابية التي تلقاها من واشنطن، وكل ذلك دون أن تضطر دمشق إلى التضحية بتحالفها مع إيران، أو حتى وقف دعمها للمنظمات الفلسطينية التي تتخذ من سوريا مقراً لها. إعداد: زهير الكساب