اختار تجار أبوظبي يوم الاثنين الماضي ممثليهم الـ15 لعضوية مجلس إدارة الغرفة، وخلال أيام ستقوم الحكومة بتعيين ستة أعضاء بينهم سيدتان، ليصبح مجموع عدد أعضاء المجلس 21 عضوا. ومرة أخرى تقول أبوظبي: "نعم للمرأة"، وتفوز سيدة الأعمال الإماراتية فاطمة الجابر في انتخابات غرفة تجارة وصناعة أبوظبي بل وتحصل على أعلى الأصوات لتكرار إنجاز أختها أمل القبيسي عندما فازت في عام 2006 في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي. ولا يحسب للجابر فقط نجاحها في هذه الانتخابات وكونها أول امرأة تفوز في انتخابات غرفة تجارة أبوظبي بل وشجاعتها في خوض هذه الانتخابات، فهي عضو معين في مجلس الإدارة الذي تنتهي فترته خلال الأسبوع المقبل، ورغم ذلك فضلت المغامرة والتحدي ورشحت نفسها للانتخابات وللتنافس، وأثبتت أنها أهل لهذا المكان كما أثبت زملاؤها التجار في أبوظبي أنهم لا يفرقون في أعمالهم بين رجل وامرأة وأنهم على استعداد لأن يعطوا أصواتهم للمرأة إذا كانت تستحقها. إن الاهتمام الذي لاقته انتخابات غرفة تجارة وصناعة أبوظبي يدل على أن هناك وعيا انتخابيا جيدا في الإمارات فيما يتعلق بمسألة الترشح وكشفت اهتمام التجار بهذه الانتخابات. أما نسبة المقترعين التي كانت أقل من 20 في المئة فتطرح التساؤلات عن سبب عزوف البقية من التجار عن المشاركة في انتخابات الغرفة، فمجموع عدد أعضاء الغرفة 72 ألف عضو تقريبا، والذين اقترعوا في هذه الانتخابات يوم أول أمس 12191 ناخبا في المقار الانتخابية الثلاثة بأبوظبي والعين ومدينة زايد! فهذا الوضع يحتاج إلى دراسة وبحث، خصوصا أن هناك من توقع هذا الإحجام من قبل بعض التجار. بعد أن يجد القائمون على انتخابات الغرفة الإجابة على هذا التساؤل ويجدون الحلول لتشجيع الأعضاء على المشاركة في الانتخابات، نتمنى أن يفكروا في استخدام الاقتراع الإلكتروني في الانتخابات المقبلة، فالاقتراع لم يعد يتطلب الحضور شخصيا إلى مراكز الاقتراع، فيمكن للناخب في مكتبه أو في بيته أن يصوت للمرشح الذي يريده عبر شبكة الإنترنت بكل سهولة. وقد تساعد هذه الخطوة في زيادة عدد المقترعين في الانتخابات المقبلة بعد أربع سنوات. فبعض رجال الأعمال والتجار لا يمكنهم أن يتركوا أعمالهم وأسفارهم ويحضروا للاقتراع. فما دامت التكنولوجيا سهلت الأمور فلماذا لا يتم استخدمها؟ ومن خلال حضوري للانتخابات الحالية -كصحفي ومراقب وليس كناخب- خلال الجولة الأولى التي لم يكتمل فيها النصاب القانوني وخلال الجولة الثانية التي كانت يوم الاثنين الماضي، كان واضحا مدى حماس الحاضرين للترشح وللتصويت ولكن عددهم لم يكن كبيراً. أما الملاحظة الأخرى التي كانت واضحة في هذه الانتخابات فهي وجود العنصر الآسيوي في الانتخابات وحماسه الكبير، رغم أن المجلس لا يضم غير عضو آسيوي واحد. الاعتراضات والشكاوى التي تقدم بها بعض المرشحين ممن أكملوا الانتخابات أو انسحبوا منها هي جزء من مناخ الانفتاح، ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وأن تتم دراستها بشكل متأن، فهي قد تفيد في الانتخابات المقبلة. ومن تلك الاعتراضات ما جاء على لسان أحد أعضاء مجلس الإدارة الحالي، وهو مترشح منسحب من الجولة الأولى، وقد اعتبر أن تلك الجولة افتقدت للحد المفترض من الشفافية. وهناك ملاحظة أخرى وهي عدم تأكد اللجنة المشرفة على الانتخابات من هوية الناخب... مما يدعو للقول إنه يستحسن إحداث مراجعة على الآليات الإجرائية لعملية الاقتراع قبل الانتخابات القادمة للغرفة. ومن الأمور الملفتة أيضاً استمرار الدعاية الانتخابية داخل قاعة التصويت وتوزيع المنشورات الدعائية وملاحقة المرشحين للناخبين... وفي هذا مخالفة للقانون والأعراف، فعندما يصل المقترع إلى مقر التصويت يفترض أن تكون كل هذه المظاهر خلفه ولا يكون في هذا المكان غير صندوق الاقتراع أو جهاز الكمبيوتر الذي سيقترع من خلاله. نتمنى تلافي ذلك كما تم تلافي بعض الأمور الأخرى... ومنها على سبيل المثال مسألة استخراج بطاقة الناخب في الجولة الأولى من الانتخابات في نفس وقت ومكان الاقتراع، حيث تمكن الأعضاء من التسجيل قبل أيام من الجولة الثانية، وفي يوم الاقتراع لم يكن على الناخب إلا أن يصوت، وهذه نقطة جيدة تحسب للجنة وتؤكد أن الأخطاء يمكن تلافيها دائماً. لقد سارت عملية الانتخابات والحملات الانتخابية بشكل هادئ وسلس قادها تكتلان أساسيان هما تكتل "أبوظبي أولا" وتكتل "أبوظبي المستقبل"... وتنافس في هذه الانتخابات 79 مرشحا لعضوية المجلس وانسحب منهم قبل بداية الجولة الثانية من الانتخابات 12 عضوا لأسباب مختلفة. وبشكل عام فإن انتخابات غرفة تجارة أبوظبي نموذج آخر للتجربة الديمقراطية في الإمارات، حيث أكدت ازدياد الوعي الديمقراطي في المجتمع، وإصرار القيادة على الاستمرار في هذا الطريق. الفائزون اليوم بحاجة أولا إلى تنفيذ وعودهم الانتخابية التي أطلقوها، وثانيا عليهم الاقتراب من أعضاء الغرفة أكثر والنظر إلى احتياجات التجار الفعلية والتركيز على تطوير قطاع الأعمال والصناعة في أبوظبي. الكتلة التي فازت، "أبوظبي أولا"، وعدت في برنامجها الانتخابي بتخفيض رسوم العضوية بنسبة 50 في المئة، وإذا كان هذا مطلب التجار فقد يكون من المفيد دراسة خطوة أخرى وهي أن تكون عضوية الغرفة اختيارية فمن يريد أن يكون عضوا باختياره تقبل عضويته وغير الراغب لا يكون مضطراً للعضوية طالما أنه لا يشعر بأنه يستفيد منها، وهذا نظام مطبق في أغلب الغرف التجارية في العالم. وبشكل عام تتطلب المرحلة المقبلة من عمل الغرفة مزيدا من الشفافية والمصداقية، والغرفة بحاجة إلى بناء الثقة والتواصل بينها وبين التجار في أبوظبي، ولابد أن تعمل على تنمية بيئة الأعمال في قطاعاتها المختلفة بالإمارة... كما ينبغي لمجلسها الجديد أن يفكر خلال الأربع سنوات المقبلة من عمله في كيفية تنويع الخدمات التي سيقدمها لأعضاء الغرفة الذين يبلغ عددهم 72 ألف عضو.