في تاريخ الأمم لحظات تاريخية فاصلة تنقلها من حال مضت لغير رجعة إلى حال أخرى نوعية مختلفة في الإجمال والتفاصيل. فاتحاد الإمارات العربية المتحدة مرّ بهذا الوضع، فمن شتات محير إلى اتحاد نير واضح المعالم والخطوات لممارسة دور المستقبل من خلال هذه الوحدة العضوية قبل الجغرافية والسياسية. فتجربة دولة الإمارات فريدة في ذاتها مقارنة مع كل التجارب الوحدوية السابقة في العالم العربي، سواء على مستوى الدول أو المنظمات والهيئات. لأن الاتحاد في حد ذاته إنجاز مستقل عن بقية الإنجازات المعنوية والمادية المعروفة لدى القاصي والداني، وفي الوقت نفسه الاتحاد هو المظلة الواقية والحامية لكل ما هو آتٍ في قابل الأيام. وميزة هذا الاتحاد أنه لم ينشأ من فراغ سياسي بقدر ما هو استكمال لمشوار أو لمشروع بدئ بـ"الإمارات المتصالحة"، وانتهى في أحسن صورة بالاتحاد المؤسس على الرغبة الدفينة والصادقة للوصول به إلى براري الخير. لا نريد أن نستغرق في تفاصيل المنجز على أرض الدولة التي لم تتوان لحظة في إضافة كل قيمة حضارية إلى هذا الصرح، ففي خلال "عهد التأسيس" الذي شيده الشيخ زايد -رحمه الله- وقد استمر لأكثر من ثلاثة عقود، وضع اللبنات الأساسية لنشأة الدولة الوليدة في كل مساراتها المجتمعية والقانونية والاقتصادية وغيرها من المجالات. إلا أن سفينة التأسيس لم تتوقف عن مواصلة السير وفق رؤية "عهد التمكين" الذي يعتبر كذلك إضافة فارقة للعهد الأول الذي رعاه زايد بكل ما أوتي من خيرية. وفي مناسبة اليوم الوطني الثامن والثلاثين يعيش الاتحاد ما بين أزهى عصريه من "التأسيس" إلى "التمكين" وبجهد مركز من خليفة المؤتمن على أمانة هذه الدولة في كل تفاصيلها. ولا يسعنا إلا أن نبارك لأنفسنا في جميع أولياء الأمور والقادة الذين بايعوا وانتخبوا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة -حفظه الله- لولاية ثانية اتضحت ملامحها التنموية من التزامه الجم بمواصلة عملية البناء والتطور في كل أرجاء الأرض، ولم تعد المليارات ذات قيمة تذكر أمام هذا الطموح الذي وراء رؤية تمكين الدولة من الوصول إلى مصاف الريادة على المستوى العالمي المتقدم. ومن يتابع يوميات صاحب السمو رئيس الدولة يلاحظ حجم الاهتمام المباشر من قبله بمطالب الشعب سواء ما يتعلق بتوفير البنية الأساسية التي تتناسب مع "مرحلة التمكين" أو الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين في كل إمارات الدولة. فطريق الاتحاد الذي رسم معالمه الأساسية قائد التأسيس زايد -رحمه الله- لازال في اتساع مع عهد خلف الخير بكل معانيه. فلم يتغير هذا الطريق قيد أنملة ولم يكن هناك في البال أو الخيال مجرد التفكير في طريق آخر غير الاتحاد، فعبر الاتحاد كان هذا الإنجاز المتفرد وبغير ذلك لا ولن نكون. دائماً الأعمال الكبيرة والعظيمة لابد وأن تصدر من رؤية الكبار والعظماء الذين وضعوا أيديهم في أتون العمل لصالح استمرار هذا الصرح والدفع به نحو المزيد من الإنجازات التي أوصلت الدولة إلى المراتب الأولى في الكثير من المجالات الحيوية على المستوى العالمي. فخليفة القائد ومن ورائه بوراشد الرائد ومن حولهما الحكام وأولياء العهود ماضون في هذا الطريق الذي شقه المرحومان زايد وراشد -رحمهما الله- منذ عقود من البناء لصالح الأمن والأمان الجليين في تفاصيل حركة الإنسان العابر في هذا المكان الذي يتحدث عن رفعة الشأن، فكيف بمن أسكن الوطن في قلبه ولم يكن معرضاً لحظة لهفوة النسيان.