لا يزال الوقت مبكراً جداً للحكم الآن على خطة أجازها الكونجرس قبل ستة أشهر فحسب. لكن استطاعت الخطة أن تحدث تأثيرات إيجابية واضحة على أدائنا الاقتصادي. ألان إس. بلايندر رئيس مجلس البنك الاحتياطي الفيدرالي، وأستاذ الاقتصاد والشؤون العامة بجامعة برينستون ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\" لعدم اكتراثهم بحقيقة التحول الملحوظ الذي أحدثته خطة \"الحفز الاقتصادي\"، بدأ بعض الأعضاء \"الجمهوريين\" في الكونجرس الترويج لفشل تلك الخطة التي دشنتها إدارة أوباما بقيمة 787 مليار دولار، إلى جانب دعوتهم إلى إلغاء التشريع الخاص بالخطوات المجدولة المتبقية منها. وفيما لو حدث هذا في مجال الطب والرعاية الصحية، فإنه سوف يؤدي إلى ممارسة خاطئة دون شك. أما في المجال السياسي، فإن تبني هذا الاتجاه لا يخدم سوى المواقف الديماجوجية التي لا تأبه لحقائق الأشياء. والحقيقة، فإن علينا المضي قدماً في تطبيق خطة الحفز الاقتصادي. وتشمل الخطة الآن برنامجاً لإلغاء السيارات القديمة، وهو عبارة عن تجديد لبرنامج دعم فيدرالي يهدف إلى تشجيع السائقين على التخلي عن سياراتهم القديمة وشراء سيارات حديثة أكثر كفاءة في استهلاكها للوقود. وكنت قد دعوت إلى تبني هذا البرنامج قبل أكثر من عام مضى. وعند نظرة أولى سريعة إليه، بدا هذا البرنامج وكأنه يسير على ما يرام، وفي توافق تام مع خطة الحفز الاقتصادي، بالنظر إلى سرعة تطبيقه وبدء العمل فيه. غير أن النظرة المتأنية إليه تكشف تناقضه البيّن مع خطة الحفز الاقتصادي، التي تضمنت تشجيع الابتكار ودعم صناعة السيارات الأميركية الحديثة ذات الكفاءة العالية في استخدام الوقود. ذلك أن صور وكالات السيارات وحطام العربات القديمة المحيطة بها من كل جانب، وهي الصور التي تملأ شاشات التلفزيونات والصحف اليوم لا تعكس الصورة الحقيقية لخطة الحفز الاقتصادي. والحقيقة أن هذه الصور لا تمثل سوى مقدمات تطبيق هذه الخطة الهادفة إلى إلغاء السيارات القديمة وحث المواطنين على شراء السيارات الحديثة بدلاً منها. ولن يتحقق الجانب الوظيفي من خطة الحفز الاقتصادي فعلياً إلا حين تستجيب شركات صناعة السيارات لارتفاع الطلب على مبيعات السيارات بإنتاج المزيد من السيارات الحديثة المبتكرة. ولما كانت هذه الصناعة تتطلب بعض الوقت، شأنها شأن صناعة أي سلعة أخرى، فمن المنطقي القول إن هذه الصناعة لا تحدث عبر شاشات التلفزيون كما نرى هذين اليومين. وتسري هذه الحقيقة أيضاً على بقية الإجراءات الأخرى المتعلقة بخطة الحفز الاقتصادي كما هي واردة في نصوص \"قانون الإنعاش الاقتصادي الأميركي وإعادة الاستثمار\". ففي مختلف جوانب وقطاعات الاقتصاد الأميركي، بدأنا نلاحظ التأثيرات الأولية لهذه الخطة، إلا أن تأثيرها الكامل على أدائنا الاقتصادي يتطلب بعض الوقت، وهو ما ليس تعكسه الصور السريعة المبثوثة عبر شاشات التلفزيون بالطبع. ولعل أحد التأثيرات الإيجابية المحسوسة للخطة ما بدا من تخلص الحكومات المحلية مما كانت تعانيه من ضيق مالي. فليست ولاية كاليفورنيا هي الولاية الوحيدة التي عمدت فيها سلطات الولاية والحكومات المحلية إلى خفض الميزانية المخصصة لكافة الخدمات العامة. والحقيقة أن نسبة لا تتجاوز الـ20 في المئة بقليل من جملة مبلغ الـ174 مليار دولار المخصص للولايات من قبل الخزانة الفيدرالية، هي التي أنفقت حتى الآن. كما أن تدفق المزيد من الأموال لميزانية الولايات ساعد على تحجيم هذا الخفض دون أن يلغيه. وهناك نسبة تقدر بحوالي 80 في المئة من جملة ميزانية الولايات سوف تجد طريقها إليها. غير أننا لن نشاهد في الصور التي تبثها شاشات التلفزيون استقرار العاملين في مهنهم وعدم تعرضهم للفصل من وظائفهم. يقول المنتقدون إن تنفيذ برنامج الحفز الاقتصادي قد تأخر كثيراً عن موعده الزمني المقرر له. ولكن هل هذه هي الحقيقة؟ كلا بالطبع. صحيح أن الإدارة كانت قد تفاءلت كثيراً في تقديراتها للأداء الاقتصادي المتوقع في شهر فبراير المنصرم. كما اتضح أن تحقيق معدل نمو بنسبة 5 في المئة على مدى عامين ماليين لن يساعد كثيراً على شفاء اقتصادنا من تأثيرات وأعراض الأزمة التي يعانيها بالسرعة المطلوبة. والحقيقة أكثر بدهية وبساطة من كل هذا هي أنه ليس في وسع الحكومة الأميركية التهام مبلغ 787 مليار دولار خلال عام واحد مهما كان جوعها ونهمها. وعليه، فإن مستوى الإنفاق الحالي من التشريع الخاص بخطة الحفز الاقتصادي يتناسب كثيراً وتقديرات مكتب الخزانة لحظة إجازة القانون، أي إنفاق نسبة 24 في المئة من ميزانية الخطة خلال العام المالي الجاري، الذي ينتهي بتاريخ 30 سبتمبر المقبل. كما ستنفق نسبة 50 في المئة إضافية في العام المالي المقبل، أو نسبة 74 في المئة خلال 18 شهراً. ولا يزال الوقت مبكراً جداً للحكم الآن على خطة أجازها الكونجرس قبل ستة أشهر فحسب. لكن ومع ذلك، استطاعت الخطة أن تحدث تأثيرات إيجابية واضحة على أدائنا الاقتصادي. فقد أشار متوسط تقديرات ثلاث شركات متخصصة في التنبؤات الاقتصادية إلى أن الخطة قد حققت زيادة في نمو إجمالي الناتج المحلي السنوي يقدر بحوالي 2.5 نقطة خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي. وتشير تقديرات الشركات نفسها إلى أن الربع الثالث سوف يشهد نمواً أعلى مما تحقق في الربعين الأولين. وبما أننا دخلنا عملياً الربع الثالث من العام، فإن المتوقع أن يتجاوز معدل النمو الاقتصادي الفعلي ما أشارت إليه تقديرات الشركات الثلاث المذكورة، أي بنسبة 3 نقاط في المئة. وهذا يعني أن أداء الخطة سوف يحدث زيادة في نمو الناتج الإجمالي المحلي تتجاوز نسبة 100 في المئة للربع الثالث من هذا العام. وفي هذا ما يشير إلى بداية تعافي اقتصادنا القومي، مما يؤكد أهمية الاستمرار في تطبيق خطة الحفز الاقتصادي، وليس التراجع عنها.