الصحافة الدولية
روسيا مهتمة بقضايا وهمية... و"لقاء قمة" لحل أزمة بيونج يانج النووية
كيف يمكن حسم أزمة بيونج يانج النووية؟ وما هي العقبات التي تحول دون التطبيع بين أميركا وكوريا الشمالية؟ وماذا عن الضغوط النفسية التي يتعرض لها الجنود الكنديون؟ وهل تفتعل روسيا مشكلات وهمية؟... تساؤلات نجيب عليها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية.
معضلة كوريا الشمالية:
تحت عنوان "تثبيت الاتفاق مع كوريا الشمالية بالذهاب إلى القمة"، كتب "توم بليت" يوم الأحد الماضي مقالاً في "جابان تايمز" توقع خلاله أنه في غضون الشهور القليلة المقبلة سيُطلب من الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر أو بيل كلينتون للسفر إلى كوريا الشمالية في مسعى يروم نزع سلاح بيونج يانج النووي، وربما تتم مطالبة باراك أوباما باتخاذ الخطوة ذاتها.الكاتب لفت الانتباه إلى أن المقابلة التي أجراها جيمي كارتر في بيونج يانج مع الزعيم الكوري الشمالي كيم إيل سونج" عام 1994 هي التي أفضت لتفاهمات أسفرت عن اتفاق إطار أبرم في جنيف بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية."بليت"، وهو عضو بـ"مجلس الباسيفيكي للعلاقات الدولية"، قال إن المفاوض الأميركي الرئيسي في جنيف كان الدبلوماسي المحنك "روبرت جالوتشي"- وهو الآن عميد كلية السياسة الخارجية بجامعة جورج تاون، لكن اتفاق عام 1994 لم ينجح بسبب صياغته الواضحة، بل لأن أسس الاتفاق كانت واضحة تماماً في لقاء (كارتر- كيم). الكاتب يرى أن مفتاح الاتفاق المذكور تمثل في دبلوماسية القمة باعتبارها الطريقة الوحيدة لانجاز مفاوضات مع نظام ديكتاتوري مثل النظام الحاكم في بيونج يانج. وعلى الرغم من أن كريستوفر هيل المفاوض الأميركي في المحادثات السداسية يتمتع بمهارات دبلوماسية عالية، فإنه منذ عام 2005 يفتقر إلى اتفاق موقّع من الرئيس الكوري الشمالي، حيث البنود التي يتم الاتفاق عليها في هذه المحادثات تعرض بعد إقرارها في المحادثات على الرئيس "كيم يونج إيل"، في نظام يمكن وصفه بأنه يتجه من (أسفل إلى أعلى)، وهو نظام يعاني من عيوب أهمها أن المفاوضين الكوريين الشماليين يخشون على حياتهم إذا أبدوا رأياً مغايراً أو مستقلاً عن الرئيس. العالم الآن ينتظر موقف إدارة أوباما تجاه كوريا الشمالية، ومن ثم وداعاً لدور "كريستوفر هيل" في المفاوضات الدرامية، وثمة تساؤل مؤداه: هل سيتخلى الكوريون الشماليون عن برنامجهم النووي؟ الإجابة نعم لكن بشرط أن تكون المساعدات المقدمة لبيونج يانج ضخمة بما فيه الكفاية، وأن يسافر إليها أعلى مسؤول أميركي لإبرام اتفاق نووي مع الرئيس الكوري الشمالي. الكاتب رشح أوباما وكارتر وكلينتون للقيام بهذه المهمة.
تناقضات بيونج يانج: في مقاله المنشور بـ"كوريا تايمز" يوم أمس، سلط "جاسون ليم" - زميل بمعهد(هارفاري كوريا)- الضوء على المشكلات التي تعوق تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فكي تنتهي العزلة الدولية التي تعانيها هذه الأخيرة لا بد لها من التطبيع مع واشنطن، وهو ما يصطدم بتناقضات منها، أن الولايات المتحدة لم تقدم على التطبيع مع كوريا الشمالية ما لم تتخل الأخيرة عن أسلحتها النووية، وإذا حدث ذلك فإنها ستكون قد فقدت بعض "انجازاتها" التي تعزز شرعية نظامها السياسي. وثمة تناقض آخر يكمن في نظام الحكم في بيونج يانج قائم على الشخصانية المفرطة التي تجعل من الصعب القبول بأية إصلاحات تضمن انفتاح لمجتمع على العالم الخارجي.
مخاطر من نوع آخر:
في افتتاحيتها ليوم السبت الماضي، وتحت عنوان " معالجة ضغوط القتال"، رأت "تورونتو ستار" الكندية أن (القنابل التي يتم زرعها على الطرق والصواريخ ونيران القناصة ليست هي التحدي الوحيد الذي يتعين على القوات الأفغانية مواجهته في أفعانستان، فثمة خط الاضطرابات النفسية والعقلية التي يتعرض لها الجنود". وحسب الصحيفة، فإن ما سبق ذكره يفسر توجيه نسبة كبيرة من الميزانية السنوية المخصصة للرعاية الصحية الخاصة بالقوات الكندية والتي تصل قيمتها إلى 500 مليون دولار تخصص للمصابين باضطرابات نفسية جراء المشاركة في عمليات القتال. وحسب الصحيفة، سنوياً ينفق الجيش الكندي 20 مليون دولار أو أكثر على المصابين باضطرابات عقلية، وذلك بسبب تنامي انتشار القوات الكندية في الخارج، تشير الاحصاءات إلى أنه خلال هذا العام تلقى 5 آلاف جندي رعاية صحية تتعلق باضطرابات عقلية من بين 87 ألف جندي (عامل واحتياطي) هم إجمالي القوات الكندية.
"مشكلة الصين والقوقاز": هكذا عنونت "يوليا لاتنينا" مقالها المنشور الخميس الماضي في "ذي موسكو تايمز" الروسية، مشيرة إلى أن الرئيس ديمتري ميدفيديف اقترح على الأوروبيين أن يصلحوا نظامهم الخاص بالأمن الجماعي، لكن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي رفضت الفكرة، وصوتت ضدها بواقع 55 صوتا مقابل صوت واحد. والسؤال لماذا؟ الكاتبة تجيب بأن المقترح الروسي يُخفي وراء "إصلاح نظام الأمن الجماعي" رغبةً في منع توسيع عضوية "الناتو"، وفي أن تتخلى دول أوروبا الشرقية عن حقها في نشر صواريخ أميركية على أراضيها، في حين بمقدور موسكو نشر صواريخها في أي مكان بهذه الدول. إضافة إلى أن هذا المقترح يبدو مثيراً للقلق، لا سيما بعد الحرب الجورجية. على صعيد آخر لدى روسيا مشكلتان رئيسيتان هما: الصين والقوقاز. وبالنسبة للصين فإن المشكلة تكمن في أن الروس الذين يعيشون في أقصى الشرق يعيشون حياة تنتمى إلى القرن التاسع عشر، بينما الصينيون الذين يعيشون على الجانب الآخر من الحدود يحيون حياة عصرية تنتمى إلى القرن الحادي والعشرين، مدينة "هيهي" الصينية التي تنعم بالرخاء مقابل مدينة "بلاجوفيشنك" المدمرة، اللافت أن السفن والشاحنات والقطارات الروسية تعبر هذه المدينة متوجهة صوب الصين محملة بالنفط والأخشاب، في حين يتم تحميل السيارات الصينية بالمنتجات والسلع المصنعة والعمال. ثمة نزاعات حدودية بين روسيا والصين، لكن المسؤولين الروس لا يهتمون بها، بل يناقشون مشكلات تكاد تكون غير موجودة على أرض الواقع كتلك المثارة بشأن الأمن الجماعي في أوروبا. المشكلة الثانية هي القوقاز، حيث لم تتمكن روسيا من إدماج سكان هذا الإقليم، سواء في الحقبة القيصرية أوالسوفييتية أو في الوقت الراهن، علماً بأن أي إمبراطورية تحتاج إلى تعددية ثقافية وإلى درجات متنوعة من التنمية وإلى عناصر تجعل الأقاليم مختلفة عن المركز على أن يقدم الأخير لهم أكثر مما يأخذ منهم. لكن- تقول الكاتبة- نجد شرطة موسكو تتعامل مع سكان القوقاز كمواطنين من الدرجة الثانية، وليس لديها أي مشكلة من ممارسة التطهير العرقي ضد قرية كاملة في أنجوشيا. موسكو لا تتعامل مع المشكلات القائمة، وفي الوقت نفسه تحدث عن مشكلات أخرى غير موجودة في الواقع، على سبيل المثال، هي لا تناقش ما يجري في القوقاز بينما تدافع عن 20 ألف مواطن روسي في أوسيتيا الجنوبية. وماذا ستفعل موسكو، لو قررت الحكومة الصينية الدفاع عن مصالح عدة ملايين من المواطنين الصينيين الذين يعيشون في أقصى الشرق الروسي.
إعداد: طه حسيب