الصحافة الأميركية
عقبات أمام زرداري... و"ساعة الصفر في زيمبابوي"
هجمات مومباي وضعت الحكومة الباكستانية في مأزق، والأزمة الإنسانية تتفاقم في زيمبابوي، وتقصير دولي تجاه أزمة دارفور، وأوباما يختار "فريق البيئة" في إدارته الجديدة... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن قراءة سريعة في الصحافة الأميركية.
"مأزق زرداري":
تحت عنوان "هل تستطيع باكستان إيقاف عسكر طيبة؟"، سلطت "لوس أنجلوس تايمز في افتتاحيتها يوم الخميس الماضي الضوء على موقف إسلام آباد في مواجهة الإرهاب بعد هجمات مومباي. الصحيفة أثنت على باكستان لكونها بدأت بخطوة جيدة تمثلت في إلقاء القبض على اثنين من الضالعين في هذه الهجمات. والآن تقول الصحيفة إن على إسلام آباد مواصلة العمل الجاد ضد جماعة عسكر طيبة المحظورة والشبكات الداعمة لها. القبض على رئيس عمليات الجماعة ونائبه يعد دليلاً على أن التخطيط والتدريب على شن الهجمات كان مقره باكستان.
الرئيس الباكستاني آصف زرداري وعد بمحاكمة ومعاقبة أي شخص يثبت ضلوعه في الهجمات، لكن الصحيفة تلفت الانتباه إلى أنه يواجه كثيراً من العقبات، فـ"عسكر طيبة" تم تأسيسها على يد أهم وكالة للاستخبارات العسكرية الباكستانية من أجل مقاومة الحكم الهندي في كشمير. وزرداري يبدو أقل سيطرة على الأجهزة الأمنية مقارنة بسلفه "برويز مشرف"، كما أن الرئيس الباكستاني قد يتعرض لمخاطر في الداخل إذا تم النظر إليه كأنه يتصرف نيابة عن الهند والولايات المتحدة، ولهذا السبب رفض الاستجابة لمطالب الهند له بتسليم الباكستانيين المشتبه فيهم، ودعا لمحاكمتهم داخل باكستان. وحسب الصحيفة، فإن "زرداري" ينظر إلى هجمات مومباي على أنها موجهة أيضاً ضد حكومته وعملية السلام في كشمير.
"ساعة الصفر في زيمبابوي":
اختارت "كريستيان ساينس مونيتور" هذه العبارة عنواناً لافتتاحيتها يوم أمس، لتخرج باستنتاج مفاده أن التدخل العسكري في زيمبابوي يشكل إغراء، لكن ثمة طرقاً أخرى للإطاحة بموجابي. الصحيفة ترى أن الأزمة الإنسانية صارت حادة جداً في زيمبابوي، لدرجة أن رئيس الوزراء الكيني قال يجب إرسال قوات أجنبية للإطاحة بالنظام. العالم بات في حيرة، أمام ديكتاتور يواصل الحكم رغم أنه مرفوض في صناديق الاقتراع. الرئيس بوش طالب موجابي ذا الثمانين عاماً بالتنحي عن الحكم، لكن الأخير متشبث بالسلطة، رغم أن الجوع يضرب شعبه لدرجة أن مواطنيه يأكلون الفئران. وخلال ثلاثين عاماً حوّل موجابي بلاده التي حررها من حكم البيض، والتي كانت من أكثر الدول الأفريقية رخاء إلى بلد في الحضيض.
وحسب موجابي، فإن تردي الأوضاع في بلاده يعود للعقوبات، لكن السبب الحقيقي يكمن في سياساته الخاطئة التي أدت إلى وصول معدلات التضخم لمستوى هو الأعلى في العالم، وصل معدل البطالة إلى 80?، وتراجع متوسط عمر الفرد في البلد إلى 36 عاماً. كما أن سياسة توزيع الأراضي أسفرت عن أزمة غذاء من المتوقع أن تطال 5 ملايين شخص مطلع العام الجديد، ناهيك عن وباء الكوليرا الذي أودى بحياة 800 شخص وذلك للافتقار للمياه النظيفة والخدمات الصحية. فهل هذا كله يبرر غزو زيمبابوي؟
الصحيفة تقول إنه في عام 2005 صدر عن الأمم المتحدة مبدأ مسؤولية الحماية الذي يسمح للمجتمع الدولي بالتدخل لوقف عمليات القتل والفظاعات التي يتعرض لها سكان بلد ما، ولنا أن نتذكر ما حدث في رواندا 1994 وكوسوفو 1999 عندما لم يحدث التدخل. ورغم تردي الوضع في زيمبابوي، فإن القوات لن تحقق الإنقاذ المطلوب في هذا البلد، كما أن الغرب مشغول بالعراق وأفغانستان، لا يريد الظهور كما لو كان يتصرف بمنطق الحقب الاستعمارية، كما أن الأمم المتحدة لا تستطيع توفير قوات حفظ سلام كافية في الكونجو التي تشهد اضطرابات، كما أن الاتحاد الأفريقي مشغول بدارفور، إضافة إلى إعلانه رفض استخدام القوة في زيمبابوي ومطالبته بمزيد من الحوار.
ويبدو أن منطق التدخل بات مهدداً، فمثلاً، هل كان بمقدور "الناتو" التدخل في كوسوفو لو كانت روسيا كما هي الآن؟ وحتى منظمات الإغاثة، فقد باتت تحذر مؤيدي التدخل من مخاطر الحرب، وما ينجم عنها من خسائر. وانتهت الصحيفة إلى أن جنوب أفريقيا بمقدورها الضغط على موجابي كي يقبل باتفاق تقاسم السلطة. والضغط على جيران موجابي يتزايد لأن زيمبابوي باتت تصدر اللاجئين والكوليرا، مما يدفع الغرب لمقاطعة كأس العالم لكرة القدم المزمع تنظيمها في جنوب أفريقيا.
"دارفور بعد عام آخر":
هكذا عنونت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي قائلة: (في يناير الماضي أشار الرئيس بوش إلى أن إدارته تصف ما يجري في دارفور بالمجزرة، قائلاً إنه بمجرد إطلاق هذه الصفة، يتعين عمل شيء ما تجاهها). وخلال الأسبوع الماضي، أخبر مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية مجلس الأمن الدولي بأن "المجزرة مستمرة، وعمليات الاغتصاب تتواصل حول المعسكرات، والمساعدات الإنسانية تواجه العراقيل، وكل شهر، يلقى 5 آلاف شخص من المشردين حتفهم". فكيف تتواصل الأمور على هذا النحو؟
الصحيفة ترى أن العالم لم يقدم شيئاً تقريباً لوضع حد لتدهور الأمور في دارفور. الأمر استغرق أعواماً كي يوافق مجلس الأمن على تعزيز قوات حفظ السلام، وطوال عام كامل لم يتمكن مجلس الأمن من إرسال سوى 10 آلاف عنصر من قوات حفظ السلام من أصل 26 ألفاً وعد بإرسالها إلى الإقليم. الصحيفة انتقدت روسيا والصين لكونهما تساندان الخرطوم، والأمر نفسه بالنسبة للقادة الأفارقة، والولايات المتحدة وحلفاؤها يتحملون المسؤولية عن المماطلة والتسويف حول طريقة نقل القوات الدولية إلى منطقة النزاع، وذلك رغم تصريحات للرئيس بوش صدرت الأربعاء الماضي قال فيها إن الولايات المتحدة مستعدة لنقل هذه القوات جواً... فلماذا تأخرت هذه القوات؟ باراك أوباما ومستشاروه مطالبون بموقف قوي لوضع حد للمجازر في دارفور، وثمة أمل في أن تتحرك الإدارة الجديدة بسرعة، لكن إصلاح ما يدور في دارفور يزداد صعوبة مع مرور الوقت.
"فريق البيئة":
خصص "ديفيد فهريهولد" تقريره المنشور في "الواشنطن بوست" يوم أمس، ليعلق على الاختيارات التي ينوي أوباما إجراءها لشغل المناصب المعنية بحماية البيئة في إدارته. صحيح أن لهذه الإدارة طموحاً ورغبة في إجراء تغييرات راديكالية في سياسة أميركا البيئية، لكن الرئيس المنتخب لم يختر شخصيات راديكالية لتبوأ هذا المنصب، ولم يختر ناشطين في مجال البيئة، بل مسؤولين سبق لهم العمل في مؤسسات ذات صلة بالمجال.
أوباما اختار "كارول براونر" وهي مسؤولة سابقة في وكالة حماية البيئة لتشغل منصباً جديداً في البيت الأبيض مهمته مراقبة سياسات الطاقة والبيئة والتغير المناخي، واختار أيضاً "ليزا جاكسون" الرئيسة السابقة لوكالة نيوجيرسي لحماية البيئة، كرئيسة لوكالة حماية البيئة. واختار "نانسي سوتلي" نائبة عمدة لوس أنجلوس لتترأس مجلس البيت الأبيض لجودة البيئة. وسيتم اختياز "ستيفن شو" الحائز على نوبل في الفيزياء كوزير للطاقة في إدارة إوباما.
إعداد: طه حسيب