شراء الأراضي... لتوليد الكهرباء!
طلب الرجل الذي حضر إلى البيت الريفي للسيدة "إلسي بيكون" الأرملة البالغة من العمر71 عاماً أن تمنح شركته حق استغلال التلال الجافة والمناطق المغطاة بالحشائش التي تمر عبر أراضيها. وتتذكر السيدة "بيكون" أن الرجل كان مصراً على عقد صفقة سريعة وسرية معها.
هذا الرجل كان مندوباً لشركة "ليتل روز" لتوليد الطاقة من قوة الريح في"بولدر" بكولورادو، ويسعى إلى الحصول على "حق الارتفاق"، أي حق مرور خطوط نقل الطاقة الكهربائية المنتجة بطاقة الرياح في أراضي تلك السيدة. وقد عرض عليها مقابل ذلك نسبة من قيمة الصفقات المماثلة التي ستعقدها الشركة مع بعض ملاك الأراضي في هذه المنطقة. وتتذكر "بيكون" أن الرجل قال لها بالحرف الواحد: "هل أنت متأكدة من أنك لا تريدين أن أكتب لك شيكاً؟".
هناك في الوقت الراهن إقبال كبير -ولكنه هادئ- على شراء الأراضي الواقعة في منطقة هضاب جنوب شرق وايمونج، وهو إقبال يؤدي إلى تغيير ثقافة ملاك المزارع الكبرى هنا. فالرياح الشديدة التي طالما عانى منها أجداد السكان الحاليين، واشتكوا منها مر الشكوى، أصبحت تحمل قيمة كبيرة للمطورين القادمين من خارج الولاية، والذين يحلمون بإقامة محطات توليد الكهرباء بطاقة الرياح، أو بيع حقوق الاستخدام لشركات أكبر.
وفي الوقت الذي يتوافد فيه المطورون على المنطقة، في مشهد يذكر بسيناريوهات الأفلام التي تناولت التدافع على المناطق الغنية بالبترول في الماضي، فإن أصحاب المزارع في مناطق "الباني" و"كونفيرس" و"بلات"... يقومون حالياً بتغيير السيناريوهات القديمة التي اعتمدت عليها مثل تلك الأفلام. فـ"بيكون" لم توافق فوراً على العرض المغري الذي قدمه لها مندوب "ليتل روز"، كما يحدث عادة في أفلام السينما، وإنما طلبت منه مهلة للتفكير، ثم تشاورت بعد ذلك مع جيرانها الذين رأوا أن الأمر يستدعي منهم تكوين جمعية لتنظيم التعامل مع الشركات المطورة، وهو ما قاموا به فعلاً من خلال تأسيس "جمعية بوردو لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح". وهذه الجمعية ليست سوى واحدة من جمعيات أخرى عديدة تم تكوينها في تلك المناطق، للمشاركة في تحقيق الاستغلال الأمثل لأراضيهم. وهذه الجمعيات تمكن السكان المحليين من التفاوض للحصول على أفضل سعر ممكن مقابل السماح للمطورين باستغلال أراضيهم، كما تساند الأفراد الذين يمكن أن يضعفوا أمام تكتيكات الإقناع الضاغطة التي يستخدمها مندوبو تلك الشركات لدفعهم للقبول بأسعار متواضعة.
بعض السكان لا يحبون أن يبوحوا للآخرين بشيء عن خصوصياتهم المالية، وهو ما تستغله الشركات المطورة في عقد صفقات فردية مع هذه النوعية من السكان فتشتري منهم الحقوق بأسعار أقل من تلك السائدة في السوق، وتقنعهم بأنهم حصلوا على أسعار خاصة لم يحصل عليها الآخرون، ويطلبون منهم ألا يخبروا أحداً عن تلك الأسعار. وهذه الشركات تستغل حاجة السكان المحليين إلى رؤوس الأموال بعد القحط الذي أصاب مناطقهم، واستمر مدة 10 أعوام تقريباً.
وتسعى الشركات المطورة -كما يقول ممثلوها- إلى توليد الكهرباء بطاقة الرياح من هذه المناطق ثم إعادة نقل تلك الكهرباء إلى أسواق أخرى كولاية كاليفورنيا مثلاً، والتي تسعى إلى الحصول على ثلث حاجتها من الطاقة من المصادر المتجددة بحلول عام 2020.
عن هذه النقطة يقول "رونالد ليهر"، ممثل "الاتحاد الأميركي لطاقة الرياح"، هو المجموعة التجارية للشركات المطورة، إن "هذه المنطقة توجد بها أقوى رياح في أميركا الشمالية بأسرها".
ورغم ذلك، فالشيء المتوقع هو أن يؤدي الانخفاض في أسعار البترول، والقيود على أسواق رأس المال، إلى إبطاء وتيرة تطوير مشروعات طاقة الرياح. لكن ذلك الإبطاء، لن يؤثر على الطريقة التي يجري بها السكان حساباتهم والتي يعتمدون عليها في تحديد قرارهم ببيع حقوق استغلال أراضيهم، وأسعار ذلك الاستغلال، وأيضاً لتقرير ما إذا كانوا سيتعاملون مع تلك الشركات بشكل فردي أم جماعي.
في هذا السياق يقول "جرانت ستامباو"، الأب الروحي لـ"جمعية بوردو لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح"، إن المداخيل التي سيحصل عليها السكان من محطات توليد الكهرباء بطاقة الرياح، هي ما سيحدد "الخط الفاصل بين نجاح أصحاب المزارع وفشلهم".
ويرى "ستامباو" أن أصحاب المزارع عادة ما يكونون في وضع أضعف، عندما يتفاوضون مع الشركات المطورة بشكل فردي، وهو ما يرجع لحقيقة أن تلك الشركات -في معظم الحالات- تكون لديها معلومات تفوق ما لدى أصحاب المزارع أنفسهم عن القيمة الحقيقية لكميات الرياح التي يمكن استغلالها في الأراضي التابعة لهم، وتكاليف خطوط نقل التيار الكهربائي التي ستقوم ببنائها.
ويضيف"ستامباو" إلى ما سبق: "اعتقد أنه بإمكاننا استخدام استراتيجيات تفاوض جماعية للحصول على مزيد من النفوذ خلال التفاوض مع الشركات المطورة... وإذا ما استطعنا أن نتعاون معاً ونتشارك في تحمل التكاليف، وفي اقتسام الأرباح، فاعتقد أن ذلك سيكون في مصلحة الجميع دون استثناء".
---------
فاليسيتي بارينجر
كاتبة أميركية متخصصة في شؤون التقنية
----------
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "نيويورك تايمز"