الصحافة الدولية
خلفيات "اتفاق الانسحاب" في العراق... وأسباب تنامي القرصنة في الصومال
-------------
اتفاقية وضع القوات الأميركية في العراق، وأعمال القرصنة في مياه الصومال، وتداعيات الأزمتين المالية والغذائية على العالم... موضوعات من بين أخرى نعرض لها بإيجاز ضمن قراءة سريعة في الصحافة الدولية.
--------------
الانسحاب من العراق:
في عددها لأمس الخميس، علقت صحيفة "ذا جابان تايمز" اليابانية على توصل الولايات المتحدة والعراق نهاية الأسبوع الماضي إلى اتفاق بشأن موعد سحب كل القوات الأميركية من العراق -الحادي والثلاثين من ديسمبر 2011- في إطار اتفاقية تحدد وضع القوات الأميركية هناك خلال السنوات القليلة المقبلة. وتنص الاتفاقية على انسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية بحلول يونيو المقبل، وعلى تسليم القواعد الأميركية للعراق في 2009. وركزت الصحيفة بشكل خاص على العوامل التي ساهمت في التوصل إلى هذه الاتفاقية والتي أجملتها في الآتي: أولًا، حقيقة أن التفويض الأممي الذي تعمل في إطاره القوات الأميركية ينقضي في الحادي والثلاثين من ديسمبر؛ وأنه بدون التوصل إلى اتفاق، لن تكون للقوات الأميركية صلاحية قانونية للوجود في العراق؛ ثانياً، تغير المزاج العام في الولايات المتحدة وانتخاب باراك أوباما الذي تعهد ضمن برنامجه الانتخابي بسحب القوات الأميركية من العراق؛ ثالثاً، تحسن الوضع الأمني حيث تسلمت الحكومة العراقية المهام الأمنية في 13 محافظة من أصل 18، إضافة إلى انخفاض أعمال العنف إلى أدنى مستوى لها منذ الغزو؛ رابعاً، تزايد الضغوط من جيران العراق، مقابل تعاطف وبراغماتية من جانب الحكومة العراقية، التي تعلم أن الولايات المتحدة سترحل في نهاية المطاف. وأشارت الصحيفة في ختام افتتاحيتها إلى أن الحكومة العراقية وافقت على الاتفاقية بأغلبية 27 صوتاً مقابل صوت واحد، وأن الدور الآن على البرلمان ليقول كلمته بشأنها، ولكنها اعتبرت أن القضية الأهم اليوم هي "ما إن كانت حكومة بغداد مستعدة لحكم البلاد فعلاً أو ما إن كان بعض الساسة سيفضلون بدلاً من ذلك تصفية الحسابات فيما بينهم".
تحدي القرصنة في الصومال:
تحت هذا العنوان نشرت صحيفة "ذا هيندو" الهندية افتتاحية خصصتها للتعليق على استشراء أعمال القرصنة في المياه الصومالية، والتي كان آخر فصولها خطف ناقلة نفط سعودية ضخمة واحتجاز طاقمها كرهائن. وحسب الصحيفة، فإن أكثر من 75 سفينة تعرضت للهجوم هذه السنة حتى الآن في المياه المقابلة للساحل الشمالي للصومال، من ضمنها ما يناهز عشر سفن في شهر أكتوبر وحده. وحول أسباب تنامي واستشراء هذه الظاهرة، قالت الصحيفة إن التشكيل الجغرافي للمنطقة يبدو عاملًا مساعداً على مهاجمة السفن وسلبها في واحد من أهم الممرات البحرية في العالم وأكثرها رواجاً، إضافة إلى تردي الظروف الاقتصادية إلى درجة أن القرصنة باتت نشاطاً واعداً ومصدر دخل وحيد ربما، بالنسبة لمن يقدمون على هذه المغامرة. فالبطالة، مرتفعة والأمن شبه معدوم في وقت تضاءل فيه الأمل في صعود حكومة مركزية قادرة على فرض القانون والنظام في المستقبل القريب. وفي هذه الأثناء، تتحاشى السفن الكبيرة الرسو بالموانئ الصومالية لأنها باتت تدرك أنه من شبه المؤكد أن مصيرها سيكون الاختطاف من قبل القراصنة الذين يطالبون بفديات مقابل الإفراج عن السفن المختطَفة وأطقمها. وأشارت إلى أن قطعاً بحرية عسكرية أميركية وروسية وأخرى تابعة لبعض بلدان الاتحاد الأوروبي تقوم بدوريات في خليج عدن وباب المندب، ولكن في غياب التنسيق بين هذه الدول خلافاً لما عليه واقع الحال في منطقة جنوب شرق آسيا حيث تُبذل "جهود جادة" للتعاون والتنسيق من أجل محاربة أعمال القرصنة مقابل السواحل الإندونيسية.
أزمتا المال والغذاء تهددان العالم:
صحيفة "تشاينا ديلي" الصينية نشرت ضمن عددها لأمس الخميس مقالا لـ"هي تشانجشوي"، مساعد المدير العام لمنظمة "الأغذية والزراعة" والممثل الإقليمي للمنظمة في منطقة آسيا- المحيط الهادئ، دق فيه ناقوس الخطر، محذراً من أن تضافر الأزمة المالية العالمية وارتفاع أسعار المواد الغذائية قد يفضيان إلى كارثة حقيقية، حيث ذكر في هذا الصدد أن نقص المواد الغذائية وارتفاع أسعارها أديا على مر التاريخ إلى اضطرابات اجتماعية وفوضى سياسية. وفي هذا السياق أشار "تشانجشوي" إلى أن أزمة الغذاء الحالية أثارت أعمال شغب واضطرابا اجتماعيا في أكثر من 30 بلداً ومنطقة وساهمت في سقوط حكومة منتخَبة واحدة على الأقل. الكاتب قال إن قادة العالم يدركون التهديدات المتنامية منذ سنوات وشرعوا مؤخراً في اتخاذ خطوات في اتجاه معالجة هذه الأخطار المحدقة، ومن ذلك التعهد بأكثر من 11 مليار دولار خلال "قمة أمن الغذاء" بروما في يونيو 2008 من أجل مساعدة البلدان التي تحتاج إلى مساعدات غذائية، والاستثمار في القطاع الزراعي بهدف دعم الإنتاج. غير أن الخطر اليوم، حسب الكاتب، يكمن في أن هذه التعهدات لن يتم الوفاء بها على الأرجح على اعتبار أن الحكومات باتت مضطرة إلى رصد مليارات الدولارات من أجل إنقاذ المؤسسات المالية المتعثرة؛ وبالتالي، فإن بعضها قد يضطر إلى قطع التمويل اللازم لمخططات الإنقاذ المالي من برامج أخرى.
روسيا وأوكرانيا... زاويتا نظر للأزمة:
مارك شليفر، مسؤول البرامج لمنطقة أوراسيا، وألكسندر شكولنيكوف، مسؤول البرامج العالمية بـ"مركز المقاولة الخاصة الدولية" في واشنطن، كتبا في عدد أمس من صحيفة "ذا موسكو تايمز" الروسية حول كيفية تعاطي وسائل الإعلام في كل من روسيا وجارتها الأصغر أوكرانيا مع "الأزمتين التوأم اللتين تقضان مضجع العالم"، في إشارة إلى أزمة الائتمان المتواصلة والتراجع المتزايد في الاقتصاد الحقيقي. وفي هذا الإطار لفت الكاتبان إلى أن تغطية وسائل الإعلام في روسيا لهذه الأزمة توحي بأن البلد في مأمن وغير معني بما يصيب الأسواق المالية من انهيارات في حين، يمكن للمرء في أوكرانيا أن يشاهد نقاشاً صريحاً ومفتوحاً بين الساسة والمسؤولين وهم يتجادلون حول مشاكل أوكرانيا الاقتصادية، وحيث لا تتحاشى التغطيات الإخبارية الإشارة إلى الشركات التي تجد صعوبة في تسديد ديونها. ليخلص الكاتبان إلى أن العنصر الرئيسي الذي يميز بين أوكرانيا وروسيا هو "اعتراف الدولة ووسائل الإعلام بأن الوضع المالي في أزمة"، حيث لاحظا أن الإنكار والتعتيم وتبادل الاتهامات هو الذي ميز رد الحكومة الروسية على نذر مؤشرات الأزمة التي عصفت بالبلاد، مقابل نقاش مفتوح وتغطية صريحة وإمكانية الوصول إلى المعلومة في أوكرانيا؛ وذهبا إلى أن غياب الآراء المتضاربة والنقاش الصريح والتغطيات الانتقائية في روسيا يضر بفرص توصل البلاد لمخرج للأزمة على رغم أن لروسيا من الوسائل والموارد ما يفوق بكثير ما تتوفره عليه جارتها الأصغر.
إعداد: محمد وقيف