التعاون الحكومي في تكريس الوعي بالهوية الوطنية
لقد كان إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- عام 2008 عاماً للهوية الوطنية، بمنزلة رسالة من قِبل سموه إلى كل المؤسسات في الدولة، الحكومية والخاصة، من أجل التحرّك بقوة وفاعلية من أجل تعزيز الهوية ورفع الوعي بها وبأهميتها في المجتمع والتعاون فيما بينها من أجل إنجاز هذه المهمة.
في هذا الإطار شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة الماضية، العديد من الفعاليات التي خصصت للاهتمام بالهوية الوطنية والتعرف إلى مصادر تهديدها المختلفة والأساليب الكفيلة بدعمها وحمايتها في مواجهة المشكلات والتحدّيات كلها التي تعترضها على المستويات كافة. ومن بين هذه الفعاليات تجيء مذكرة التفاهم التي تمّ توقيعها، مؤخراً، بين وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ووزارة التربية والتعليم، والتي نصت على التعاون بين الوزارتين وتنسيق جهودهما في مجالات مختلفة أبرزها صياغة برامج ومشروعات مشتركة من أجل نشر قيم الهوية الوطنية والتوعية بها في المجتمع الإماراتي. وعلى الرغم من أهمية الجهود التي بذلت وتبذل على مستويات مختلفة من أجل تعزيز الهوية، فإن هذه المذكرة تكتسب أهمية خاصة في هذا الإطار بالنظر إلى اعتبارات عدة:
أول هذه الاعتبارات هو أن مذكرة التفاهم بين الوزارتين تؤكد أهمية التعاون بين المؤسسات المختلفة في العمل من أجل الهوية الوطنية، لأن المسألة لها جوانبها المختلفة والمتشابكة، وبالتالي تحتاج إلى قدر أكبر من تنسيق الجهود وتجميعها، خاصة أن التحدّيات التي تواجه هويتنا الوطنية متشابكة ومتداخلة وتتطلب عملاً متسقاً في مجالات ومسارات مختلفة. الاعتبار الثاني هو أن المذكرة موقّعة بين وزارتي الثقافة والشباب وتنمية المجتمع والتربية والتعليم، وهما الوزارتان المعنيتان بشكل مباشر أكثر من غيرهما بغرس وتمتين وتكريس مفاهيم الهوية الوطنية على الساحة الإماراتية، حيث تعمل الأولى في مجال الثقافة وتستهدف الشباب ببرامجها وسياساتها، وتنبع أهمية ذلك من أن الثقافة تمثل مدخلاً جوهرياً لزرع قيم الوطنية والولاء والإحساس بالهوية والعمل من أجلها وإدراك أهميتها، فيما يعتبر الشباب عماد أي جهد في هذا الشأن ويمثل تحصينهم ضد أي تهديدات تستهدف هويتهم أولوية قصوى في أي استراتيجية متكاملة تهدف إلى الحفاظ على الهوية الوطنية.
أما الوزارة الثانية فتتولى تربية النشء وتعليمه وتزرع لديه القيم والتوجّهات التي يمكنه من خلالها أن ينظر إلى نفسه وإلى وطنه وإلى العالم من حوله، وبالتالي يحس بهويته ويدرك أهميتها وضرورة الحفاظ عليها. ولاشك أن التعاون بين الوزارتين في هذا المجال من شأنه أن يعزّز بقوة من هدف زرع وتكريس قيم الهوية من ناحية ونشر الوعي بها في المجتمع من ناحية أخرى، فضلاً عن أنه رسالة مهمّة إلى المؤسسات المختلفة في المجتمع بضرورة التعاون فيما بينها لحماية الهوية من أي تهديدات تعترضها.
الاعتبار الثالث هو أنه إذا كان عام 2008 هو عام الهوية، فإن العمل من أجل الحفاظ على هويتنا هو عمل طويل ومستمر، ويحتاج إلى برامج عمل ممتدة، وبالنظر إلى أن مذكرة التفاهم بين وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ووزارة التربية والتعليم السابقة الإشارة إليها مدتها خمس سنوات، فإن هذا يكسبها أهمية خاصة في هذا السياق.